للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر هذه القصة يونس بن بُكير، [عن] ابن إسحاق، عن شيخٍ من بني سلِمة، عن رجال من قومه، أن رسول الله بعث غالب بن عبد الله الكلبيّ إلى أرض بني مُرَّة، فأصاب مرداس بن نَهيك حليفًا لهم من الحُرقة. قال: فقتله أُسامة.

قال ابن إسحاق (١): فحدَّثني محمد بن أُسامة بن محمد بن أُسامة، عن أبيه، عن جدِّه أُسامة بن زيد قال: أدركته أنا ورجل من الأنصار - يعني مرداسَ بن نَهيك - فلما شهرنا عليه السِّلاح قال: أشهد أن لا إله إِلَّا الله. فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلمَّا قدمنا على رسول الله أخبرناه، فقال: "يا أسامة، من لك بلا إله إِلَّا الله؟ " فقلت: يا رسول الله، إنما قالها تعوُّذًا من القتل. قال: "فمن لك يا أُسامة بلا إله إِلَّا الله؛، فوالذي بعثه بالحق ما زال يردِّدها عليَّ حتى تمنَّيت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني أسلمت يومئذٍ ولم أقتله. فقلت: إني أُعطي الله عهدًا أن لا أقتل رجلًا يقول: لا إله إِلَّا الله، أبدًا. فقال: "بعدي يا أسامة". فقلت: بعدك.

قال الإمام أحمد (٢): حَدَّثَنَا هُشَيم بن بَشير، أنبا حُصين، عن أبي ظَبيان قال: سمعت أُسامة بن زيد يُحَدِّث قال: بَعثنا رسول الله إلى الحُرقة من جهينة. قال: فصبَّحناهم، وكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدِّهم علينا، واذا أدبروا كان حاميتَهم. قال: فغشيته أنا ورجل من الأنصار، فلمَّا تغشَّيناه قال: لا إله إِلَّا الله. فكفَّ عنه الأنصاريُّ وقتلتُه، فبلغ ذلك رسول الله ، فقال: "يا أُسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إِلَّا الله؟! قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوِّذًا [من القتل]. قال: فكرَّرها على حتى تمنَّيت أني لم أكن أسلمت إِلَّا يومئذ.

وأخرجه البخاريُّ ومسلم (٣) من حديث هشيم به نحوه.

وقال ابن إسحاق (٤): حدَّثني يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد الله الجُهَنيِّ، عن جُنْدب بن مَكيثٍ الجُهنيِّ قال: بعث رسول الله غالب بن عبد الله الكلبيِّ، كلب ليث، إلى بني الملوَّح بالكَدِيد (٥)، وأمره أن يغير عليهم، وكنت في سريَّته، فمضينا حتى إذا كنا بالقُدَيد (٦)، لقينا الحارث بن مالك بن


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٢٣).
(٢) رواه أحمد في "المسند" (٥/ ٢٠٠).
(٣) رواه البخاري رقم (٤٢٦٩) و (٦٨٧٢) ومسلم رقم (١٥٩) (٩٦).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٠٩).
(٥) الكَديد: واد قرب النخيل يقطعه الطريق من فيد إلى المدينة. عن حاشية شيخنا العلّامة حَمَد الجاسر على "المغانم المطابة" للفيروزابادي ص (٣٦٠).
(٦) قديد: موضع بين الحرمين. انظر، المغانم المطابة" للفيروزابادي، ص (٣٣٤) بتحقيق شيخنا العلَّامة حمد الجاسر .