للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا قريش فإني لا أسالمها … حتى ينيبوا من الغيَّات للرَّشد

ويتركوا اللآت والعزَّى بمعزلة … ويسجدوا كلُّهم للواحد الصمد

ويشهدوا أنَّ ما قال الرسول لهم … حقّ فَيُوفوا بحقّ اللّه والوُكد

قال: فاعترضه صفوان بن المعطّل، فضربه بالسيف وهو يقول: [من الطويل]

تلقَّ ذُباب السيف عنِّي فإنَّني … غلامٌ إذا هُوجيت لستُ بشاعرِ

وذكر (١) أن ثابت بن قيس بن شمَّاس أخذ صفوان حين ضرب حسَّان، فشدَّه وَثاقًا، فلقيه عبد اللّه بن رواحة فقال: ما هذا؟ فقال: ضرب حسَّان بالسيف. فقال عبد اللّه: هل علم رسول اللّه بشيء مما صنعت؟ قال: لا. فأطلقه، ثم أتَوا كلّهم رسول اللّه ، فقال ابن المعطَّل: يا رسول اللّه، آذاني وهجاني، فاحتملني الغضب فضربته. فقال رسول اللّه : "يا حسّان، أتشوَّهت على قومي إذ هداهم اللّه". ثم قال: "أحسن يا حسان فيما أصابك". فقال: هي لك يا رسول الله. فعوَّضه منها بيرحاء التي تصدَّق بها أبو طلحة، وجارية قبطيَّة، يقال لها: سيرين. جاءه منها ابنه عبد الرحمن (٢).

قال: وكانت عائشة تقول: سُئل [عن] ابن المعطَّل، فوجد رجلًا حصورًا (٣) ما يأتي النساء، ثم قتل بعد ذلك شهيدًا، .

قال ابن إسحاق (٤): ثم قال حسان بن ثابت (٥)، يعتذر من الذي كان قال في شأن عائشة: [من الطويل]

حَصَانٌ رزانٌ ما تُزَنّ بريبةٍ … وتصبح غَرْثَى من لحوم الغَوافلِ

عقيلة حيّ من لؤيّ بن غالب … كرام المساعي مجدهم غير زائلِ

مهذَّبة قد طيّب اللّه خِيمها … وطهَّرها من كلِّ سوءٍ وباطلِ

فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتمُ … فلا رفعتْ سوطي إليّ أناملي

وكيف وودِّي ما حييت ونصرتي … لآل رسول اللّه زين المحافلِ

له رَتَب عالٍ على الناس كلِّهم … تقاصر عنه سَورة المتطاولِ

فإنَّ الذي قد قيل ليس بلائط … ولكنَّه قول امرئ بي ما حلِ

وقد زاد يونس بن بكير في روايته عن ابن إسحاق قبل البيت الأَوَّل:


(١) يعني ابن إسحاق. انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٠٥).
(٢) انظر "تحرير تقريب التهذيب" (٢/ ٣١٤)، و"شذرات الذهب" (٢/ ٣١٤) بتحقيقي.
(٣) الحصور: وأما في حق يحيى أنه كان حصورًا، يعني لا يأتي النساء، فغلط بل هذه نقيصة وعيب، ولا يليق بالأنبياء، وإنما معناه أنه معصوم من الذنوب، كأنه حصر عنها.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٠٦).
(٥) الأبيات في "ديوانه" (١/ ٥١٠) وانظر "معجم الشعراء من تاريخ مدينة دمشق" (٢/ ١٤٦) بتحقيقي بالاشتراك مع عدد من الأصدقاء الأفاضل، وإشراف أستاذنا العلَّامة الدكتور شاكر الفحّام، طبع دار الفكر بدمشق.