للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زرْعَة بنتُ مِشْرَح بن مَعْدِيْكَرِب الكِنْدي أحد مُلوك الأربعةِ الأقيال، المذكور في الحديث الذي رواه أحمد، وهم مِشْرَح وجَمْد ومِخْوَس وأبْضَعَة (١) وأختهم العَمَرَّدة، وكان مَوْلد عليٍّ هذا يومَ قُتل عليُّ بنُ أبي طالب، فسماه أبوهُ باسمِه، وكنَّاهُ بكنيتِه، وقيل: إنه وُلد في حياةِ عليّ، وهو الذي سمّاه وكنَّاه ولقَّبَهُ بأبي الأملاك، فلمَّا وَفَدَ على عبدِ الملك بنِ مروان أجلَسَه معه على السَّرير، وسألهُ عن اسِمه وكنيتِه، فأخبره، فقال له: ألَكَ ولد؟ قال: نعم، وُلد لي ولد سَمَّيتُه محمدًا. فقال له: أنت أبو محمد، وأجْزَلَ عطيتَه، وأحسَنَ إليه، وقد كان هذا في غايةِ العبادةِ والزهادةِ والعِلم والعمَل، وحُسنِ الشَّكْلِ والعدالةِ والثِّقَة، وكانَ يُصَلِّي في كلِّ يومٍ وليلةٍ ألف رَكْعَةٍ.

قال عمرو بن علي الفَلَّاس: كان من خيرِ الناس، وكانت وفاتُه بالحُمَيْمَة من أرض الشَّرَاة (٢)، في هذه السنة وقد قارب الثمانين.

وقد ذكر ابن خَلِّكان (٣) أنه تزوَّجَ لُبَابة بنتَ عبدِ الله بن جعفر التي كانتْ تحتَ عبدِ الملك بن مروان فطلَّقها، وكان سببُ طلاقِهِ إياها أنَّه عَضَّ تفاحةً ثم رَمَى بها إليها، فأخذَتِ السِّكِّينَ فحزَّتْ من التفاحةِ ما مَسَّ فمَهُ منها فقال: ولمَ تفعلين هذا؟ قالت: أزِيلُ الأذَى عنها. وذلك لأنَّ عبدَ الملك كان أبْخَر، فطلَّقها عبدُ الملك، فلما تزوَّجها عليُّ بن عبد الله بن عباس هذا نَقَم عليه الوليدُ بن عبدِ الملك لأجلِ ذلك، فضرَبَهُ بالسِّيَاط وقال: إنما أرَدْتَ أن تُذِلَّ بنيها من الخلفاء، وضربه مرَّةً ثانيةً لأنه اشتهر عنه أنه قال: الخلافةُ صائرةٌ إلى بيتِه. فوقع الأمرُ كذلك.

وذكر المُبَرِّد (٤) أنَّه دخلَ على هشام بن عبد الملك ومعه ابناه السَّفَّاح والمنصور، وهما صغيران، فأكرَمَهُ


= (١٢٤، ٣٢٧، ٧٥٦)، الجرح والتعديل (٦/ ١٩٢)، الثقات لابن حبان (٥/ ١٦٠)، حلية الأولياء (٣/ ٢٠٧)، تاريخ مدينة دمشق (١٢/ ٢٢٦) ب، صفة الصفوة (٢/ ١٠٧)، المختار من مناقب الأخيار لابن الأثير (٤/ ٦٣)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٣٥٠)، وفيات الأعيان (٣/ ٢٧٤)، مختصر تاريخ دمشق (١٨/ ١١٧)، تهذيب الكمال (٢١/ ٣٥)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٥٢ و ٢٨٤)، تهذيب التهذيب (٧/ ٣٥٧)، شذرات الذهب (١/ ١٤٨).
(١) هذه الأسماء صُحّفت في الأصول، فأثبتنا ما في الإكمال لابن ماكولا (٢/ ٥٤١ و ٧/ ١٧٥ و ١٩٤) وغيره من كتب الضبط.
(٢) في (ق): "بالجهمة من أرض البلقاء"، وهو تصحيف ما عدا "البلقاء"، لأن البلقاء هي مدينة الشراة كما في معجم البلدان (١/ ٤٨٩)، والحُمَيْمَة - كما جاء تعريفها في معجم البلدان أيضًا (٢/ ٣٠٧) -: بلفظ تصغير الحُمَة، بلد من أرض الشراة من أعمال عمان في أطراف الشام كانتْ مَنزِلَ بني العباس.
(٣) في كتابه وفيات الأعيان (٣/ ٢٧٥).
(٤) في كتابه الكامل (٢/ ٧٥٨)، والنص هنا منقول بألفاظ مقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>