للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حليمًا كريمًا [يحتمل الأذى، لو سبَّه عبد أسود ما استنكف عنه، ولم يقصده أحد في شيء فرده خائبًا، ولا سمع بمفازة إلا حفر بها جبًا أو عمل فيها بركة، ولا عقبة إلا سهَّلها.

وقيل: إن المهلَّب بن أبي صفرة قدم على ابن الزبير من العراق فأطال الخلوة معه، فجاء ابن صفوان فقال: من هذا الذي شغلك منذ اليوم؟ قال: هذا سيد العرب من أهل العراق، فقال: ينبغي أن يكون المهلّب. فقال المهلّب لابن الزبير: ومن هذا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين؟ قال هذا سَيِّدُ قريش بمكة، فقال: ينبغي أن يكون عبد اللَّه بن صفوان، وكان ابن صفوان كريمًا جدًا] (١).

وقال الزبير بن بكار بسنده: إن معاوية قدم مكة حاجًا فتلفاه الناس فكان ابن صفوان في جملة من تلقاه، فجعل يساير معاوية، وجعل أهل الشام يقولون: من هذا الذي يساير أمير المؤمنين؟ فلما انتهى إلى مكة، إذا الجبل أبيض من الغنم، فقال: يا أمير المؤمنين هذه غنم أجزرتكها (٢)، تقسمها بين الجند، فإذا هي ألفا شاة، فقال أهل الشام: ما رأينا أكرم من ابن عم أمير المؤمنين (٣).

كان ابن صفوان من جملة من صبر مع ابن الزبير حين حصره الحجاج، فقال له ابن الزبير: إني قد أقلتك بيعتي فاذهب حيث شئتَ، فقال: إني إنما قاتلت عن ديني.

ثم صبَّر نفسه حتى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة في هذه السنة. وأكرم مثوأه.

عبد اللَّه بن مطيع (٤) بن الأسود بن حارثة القرشي العدوي [المدني]، ولد في حياة رسول اللَّه وحنَّكه ودعا له بالبركة.

وروى عن أبيه، عن رسول اللَّه أنه قال: "لا يقتل قرشي بعد اليوم صبرًا إلى يوم القيامة" (٥).

وعنه ابناه إبراهيم ومحمد، والشَّعبي، وعيسى بن طلحة بن عبيد اللَّه، ومحمد بن أبي موسى.

قال الزبير بن بكار: كان [ابن مطيع من كبار] (٦) رجال قريش جلدًا وشجاعة، وأخبرني


= والاستيعاب (٢/ ٣٣٣) وتاريخ دمشق (٢٩/ ٢٠٢ - ٢١٥) وأسد الغابة (٣/ ٢٧٩ - ٢٨٠) وتهذيب الكمال (١٥/ ١٢٥ - ١٢٧) وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٤٥٠) والإصابة (٣/ ٦٠) وشذرات الذهب (١/ ٣٠٨).
(١) ما بين معكوفين زيادة من ط، والخبر في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٤٥٢).
(٢) في ط: أجزتكها.
(٣) الخبر في تاريخ دمشق (٢٩/ ٢٠٩) وتاريخ الإسلام (٦١ - ٨٠/ ص ٤٥١).
(٤) ترجمة - عبد اللَّه بن مطيع - في طبقات ابن سعد (٥/ ١٤٤) وتاريخ خليفة (٢٣٧) والاستيعاب (٢/ ٣٢٧) وأسد الغابة (٣/ ٢٦٢) وتهذيب الكمال (١٦/ ١٥٢) وتاريخ الإسلام (سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٤٦٩) والإصابة (٢/ ٣٧١) وشذرات الذهب (١/ ٣٠٨).
(٥) الحديث أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٤١٢) ومسلم رقم (١٧٨٢) من حديث مطيع بن الأسود.
(٦) مكانها في أ: من.