للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فاذهبوا معي حتى أنظر إليه. فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة، فقالوا (١): أخرجي إلينا ابْنَكِ، فأخرجَتْه، وكشفوا له عنِ ظهره، فرأى تلك الشامة، فوقع اليهوديُّ مَغْشيًا عليه؛ فلما أفاق قالوا له: مالك ويلك؟ قال: قد ذَهبَتْ والله النبوَّةُ من بني إسرائيل، أفرحتم به يا معشر قريش؟ والله ليَسْطُوَنَّ بكم سَطْوَةً يخرج خبرُها من المشرق والمغرب (٢).

وقال محمد بن إسحاق (٣): حدّثني صالح بن إبراهيم عن يحيى بن [عبد الله بن] عبد الرحمن بن أسعد بن زُرَارة قال: حدّثني منْ شئتَ من رجالِ قومي ممَّنْ لا أتَّهِم عن حسَّان بن ثابت قال: إنِّي لغلامٌ يَفَعَةٌ ابن سبعِ سنين أو ثمانِ سنين، أعقِلُ ما رأيتُ وسمعت، إذا بيهوديٍّ في يثرب يَصْرُخ ذاتَ غداة: يا معشر يهودَ؛ فاجتمعوا إليه -وأنا أسمع- فقالوا: ويلك مالك؟ قال: قد طلع نجمُ أحمد الذي يولد به في هذه الليلة.

وروى الحافظُ أبو نعيم في كتاب "دلائل النبوة" (٤) من حديث أبي بكر بن عبد الله العامري، عن سليمان بن سُحيم ورُبَيْح (٥) بن عبد الرحمن كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي سعيد [الخُدْري] عن أبيه قال: سمعت أبي مالك بن سنان يقول: جئتُ بني عبد الأشهل يومًا لأتحدَّث فيهم، ونحن يومئذٍ في هُدْنةٍ من الحرب، فسمعت يوشع اليهوديَّ يقول: أظلَّ خروجُ نبيٍّ يقالُ له: أحمد، يخرجُ من الحرم. فقال له خليفةُ بن ثعلبةَ الأشهلي كالمستهزئ به: ما صفته؟ فقال: رجلٌ ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يلبس الشَّمْلَة، ويركب الحمار، سيفُه على عاتقه، وهذا البلد مُهاجَرُه. قال: فرجعت إلى قومي بني خُدْرَة، وأنا يومئذ أتعجَّبُ مما يقول يوشع، فأسمع رجلًا منا يقول: ويوشع يقول هذا وحده؟! كلُّ يهودِ يثربَ يقولون هذا. قال أبي مالكُ بن سنان: فخرجتُ حتى جئتُ بني قُرَيظة، فأجد جمعًا، فتذاكروا النبيَّ فقال الزبير بن باطا: [قد] طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا لخروج نبيٍّ أو ظهوره، ولم يبق [أحد] إلا أحمد وهذا مُهاجَرُه. قال أبو سعيد: فلما قدم النبيُّ [المدينة] أخبره أبي هذا الخبر، فقال رسول الله : "لو أسلم الزبير وذووه (٦) من رؤساء اليهود، إنما هم له تبع".


(١) كذا في ح، ط، وفي الدلائل والمستدرك: فقال: وهو أشبه بالصواب.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٠١، ٦٠٢) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قال الذهبي: قلت: لا.
(٣) في سيرة ابن إسحاق (ص ٦٣) ودلائل النبوة لأبي نعيم (ص ١٦) وما يأتي بين معقوفين منهما. ومن تهذيب التهذيب (٤/ ٣٧٩) في ترجمة صالح بن إبراهيم.
(٤) دلائل النبوة (١/ ٧٩/ ٤٠) وما يأتي بين معقوفين منه.
(٥) في ط: ذريح وفي الدلائل رميح، وكلاهما تصحيف والمثبت من ح، والتصحيح من الإكمال (٤/ ١٨٨) وميزان الاعتدال (٢/ ٣٨) وتهذيب التهذيب (٣/ ٢٣٨).
(٦) كذا في ط، وفي ح ودلائل أبي نعيم، وفي ط: لو أسلم الزبير لأسلم ذووه وهو الصواب.