للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منه. فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء! فكان أبو طالب يحتفظ به. وقال عبد المطلب لأُمِّ أيمن -وكانت تحضُنه-: يا بَرَكَة، لا تغفلي عن ابني، فإنِّي وجدتُه مع غلمان قريب (١) من السدرة، وإنَّ أهل الكتاب يزعمون أنَّ ابني نبيُّ هذه الأمة. وكان عبد المطلب لا يأكل طعامًا إلا يقول: عليَّ بابني، فيُؤتى به إليه. فلمَّا حضرت عبدَ المطلب الوفاةُ أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله وحياطته، ثم مات عبد المطلب ودُفن بالحَجُون (٢).

وقال ابن إسحاق (٣): فلما بلغ رسول الله ثماني سنين هلك جدُّه عبد المطلب بن هاشم. ثم ذكر جمعَه بناتِهِ وأمْرَهُ إياهنَّ أن يرثينه؛ وهن: أروى، وأمية، وبَرَّة، وصفية، وعاتكة، وأمُّ حكيم البيضاء، وذكر أشعارهنَّ وما قُلْنَهُ في رثاء أبيهن، وهو يسمعُ قبل موته، وهذا أبلغ النَّوح. وبسط القول في ذلك.

وقد قال ابن هشام (٤): ولم أر أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرف هذا الشعر.

قال ابن إسحاق (٥): فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولي زمزم والسقاية بعده ابنُه العباس، وهو من أحدث إخوته سنًا، فلم تزل إليه حتى قام الإسلام وأقرَّها في يده رسولُ الله .

وكان رسول الله بعد جده عبد المطلب مع عمه أبي طالب لوصية عبد المطلب له به، ولأنه كان شقيق أبيه عبد الله، أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ (٦) بن عِمْران بن مخزوم. قال: فكان أبو طالب هو الذي يلي أمْرَ رسول الله وكان إليه ومعه.

وقال الواقدي (٧): أخبرنا مَعْمَر عن ابن [أبي] (٨) نَجيح عن مجاهد، وحدّثنا معاذ بن محمد الأنصاري، عن عطاء، عن ابن عباس، وحدّثنا محمد بن صالح وعبد الله بن جعفر وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة -دخل حديث بعضهم في [حديث] (٩) بعض- قالوا: لما توفي عبد المطلب قَبَض


= الذي وقف عليه حين غسلت زوج ابنه إسماعيل رأسه، وقيل: بل كان راكبًا فوضعت له حجرًا من ذات اليمين فوقف عليه حتى غسلت شق رأسه الأيمن ثم صرفته إلى الشق الأيسر فرسخت قدماه فيه حال وقوفه عليه؛ وقيل هو الحجر الذي وقف عليه حين أذن في الناس بالحج. وصفه في معجم البلدان (المقام، ٥/ ١٦٤).
(١) كذا في ح، ط، والوجه: قريبًا بالنصب.
(٢) "الحجون": جبل بأعلى مكة، عنده مدافن أهلها، على ميل ونصف. معجم البلدان (٢/ ٢٢٥) واللسان (حجن).
(٣) سيرة ابن إسحاق (ص ٤٥) وما بعدها وسيرة ابن هشام (١/ ١٦٩) وما بعدها.
(٤) سيرة ابن هشام (١/ ١٦٩).
(٥) سيرة ابن إسحاق (ص ٤٧) وسيرة ابن هشام (١/ ١٧٨، ١٧٩).
(٦) في ح: عابد. وهو تصحيف، والمثبت من ط وسيرة ابن هشام والإكمال (٦/ ٩).
(٧) قول الواقدي في طبقات ابن سعد (١/ ١١٩).
(٨) ما بين معقوفين سقط من ح، ط، وأثبته من الطبقات.
(٩) ما بين معقوفين من ط وطبقات ابن سعد.