للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ففرح رسولُ اللّه وأصحابُه بمقالتي فرحًا شديدًا، حتى رُئي الفرَحُ في وجوههم. قال: فوثب إليه عمرُ بن الخطاب فالتزمه وقال: قد كنتُ أشتهي أنْ أسمعَ هذا الحديثَ منك، فهل يأتيك رَئيُّك اليوم؟ قال: أمَّا منذُ قرأتُ القرآن فلا، ونعم العِوَضُ كتابُ اللّه من الجِنّ.

ثم قال عمر: كنا يومًا في حيٍّ من قريش يقال لهم: آل ذَرِيح، وقد ذبحوا عِجْلًا لهم والجزَّار يُعالجه، إذ سمعنا صوتًا من جَوْفِ العجل ولا نرى شيئًا، قال: يا آل ذريح، أمرٌ نَجيح، صائح يَصيح، بلسانٍ فصيح، يشهدُ أن لا إله إلَّا اللّه.

وهذا منقطعٌ من هذا الوجه، ويشهد له روايةُ البخاري. وقد تساعدوا على أنَّ السامعَ الصوتَ من العجل هو عمر بن الخطاب واللّه أعلم.

وقال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتابه الذي جمعه في هواتف الجِنَّان (١): حدّثنا أبو موسى عمران بن موسى المؤدِّب، حدّثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدّثنا سعيد بن عبيد اللّه الوصَّافي (٢)، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: دخل سَوَادُ بن قارِب السَّدُوسي على عمرَ بن الخطاب فقال: نشدتُكَ بالله يا سواد بن قارب، هل تُحسن اليوم من كَهَانتك شيئًا؟ فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين! ما استقبلتَ أحدًا من جُلَسالْك بمثل ما استقبلتني به! قال: سبحان اللّه يا سواد! ما كنا عليه من شِركنا أعظمُ مما كنتَ عليه من كهانتكَ؛ واللّه يا سواد، لقد بلغني عنك حديثٌ إنه لعجَبٌ من العجَب! [قال: إي واللّه يا أمير المؤمنين إنه لعجبٌ من العجب] (٣). قال: فحدِّثنيه. قال: كنتُ كاهنًا في الجاهلية، فبينا أنا ذات ليلةٍ نائمٌ إذْ أتاني نَجِيِّي، فضربني برجله، ثم قال: يا سَوَاد، اسمعْ أقلْ لك. قلت: هات. قال: [من السريع]

عجِبْتُ للجِنِّ وأنجاسها … ورَحْلِها العيسَ بأحْلاسها

تهوي إلى مكة تبغي الهُدَى … ما مؤمنوها مثلُ أرْجَاسها

فارحلْ إلى الصفوةِ من هاشمٍ … واسمُ بعينيكَ إلى رأسها

قال: فنمتُ ولم أحفِل بقوله شيئًا؛ فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله ثمّ قال لي: قم يا سَوَاد بن قارب، اسمع أقلْ لك. قلت: هات. قال: [من السريع]

عجِبْتُ للجِنِّ وتطلابها … ورَحْلها (٤) العيسَ بأقتابها


(١) (ص ١٤٨) وقد جاء في ح، ط: هواتف الجان، وما أثبته هو الصحيح. انظر (ص ٤٤ ح ٥).
(٢) في ط: الوصابي. والمثبت من ح والهواتف والإكمال (٧/ ٤٠٠) واللباب (٣/ ٣٦٨). ضعفه أبو حاتم. الجرح والتعديل (٤/ ٣٨) وميزان الاعتدال (٢/ ١٥٠) ولسان الميزان (٣/ ٣٧).
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ح وهو في ط والهواتف.
(٤) في ط: وشدها. والمثبت من ح والهواتف.