للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ساطعٍ يَجْلو دُجى الظلامِ … قد لاحَ للناظر من تِهَامِ

ذاكَ نبيٌّ سيّدُ الأنامِ … قد جاء بعد الكُفْرِ بالإسلامِ

أكرمَه الرحمنُ من إمامِ … ومن رسولٍ صادقِ الكلامِ

أعدَلُ ذي حكمٍ من الحكَّامِ … يأمرُ بالصلاةِ والصِّيامِ

والبِرِّ والصِّلاتِ (١) للأرحامِ … ويزجُرُ الناسَ عن الآثامِ

والرِّجْسِ والأوثانِ والحَرَامِ … من هاشمٍ في ذِرْوَةِ السَّنَامِ

مستعلنًا في البلدِ الحرامِ

قال: فلما سمعنا ذلك تفرَّقْنا عنه، وأتينا النبيَّ فأسلمنا.

وقال الخرائطي (٢): حدّثنا عبد اللّه البَلَوي، حدّثنا عُمارة، حدّثني عبد الله (٣) بن العلاء، حدّثنا محمد بن عكبر (٤)، عن سعيد بن جُبير، أنَّ رجلًا من بني تميم يقال له رافع بن عُمير؛ وكان أهدى الناسِ للطريق، وأسْرَاهم بليل، وأهجمهم على هَوْل؛ وكانت العربُ تُسَمِّيه لذلك دُعْمُوص العرب، لهدايته وخَرَاتَتِهِ (٥)، وجَرَاءته على السير، فذكر عن بُدُوِّ إسلامه قال: إني لأسيرُ برمْلِ عالِج (٦) ذاتَ ليلة، إذْ غلبني النوم، فنزلتُ عن راحلتي وأنَخْتُها، وتوسَّدتُ ذراعَها ونصت، وقد تعوَّذتُ قبل نومي فقلت: أعوذُ بعظيم هذا الوادي من الجِنّ، من أنْ أوذَى أو أُهاج، فرأيتُ في منامي رجلًا شابًا يرصُدُ ناقتي، وبيده حربةٌ يريد أن يضعها في نَحْرِها؛ فانتبهتُ لذلك فزعًا! فنظرتُ يمينًا وشمالًا فلم أرَ شيئًا، فقلت: هذا حُلْم، ثمّ عدتُ فغفَوْت، فرأيت في منامي مثلَ رؤياي الأولى، فانتبهت، فدرتُ حولَ ناقتي فلم أرَ شيئًا، وإذا ناقتي ترعد؛ ثمَّ غفَوْت فرأيتُ مثلَ ذلك، فانتبهت، فرأيتُ ناقتي تضطرب، والتفت، فإذا أنا برجلٍ شابٍّ، كالذي رأيتُ في المنام بيده حربة، ورجلٌ شيخٌ ممسِكٌ بيده يردُّهُ عنها وهو يقول: [من الكامل]

يا مالكَ بنَ مُهَلهلِ بنِ دِثارِ (٧) … مهلًا فِدًى لك مِئْزَري وإزاري


(١) في ح: والصلة. والمثبت من ط والهواتف.
(٢) في الهواتف (ص ١٦٤) وذكره ابن حجر في الإصابة (١/ ٤٩٨) عن الخرائطي بسنده مختصرًا وقال: وفي إسناد هذا الخبر ضعف.
(٣) في أصل الهواتف: عبيد اللّه. انظر (ص ١٦٢ ح ٥).
(٤) كذا في ح، ط. وسقط من ط لفظ محمد، وفي أصل الهواتف محمد بن عكير وكذا في الإصابة، ولم أقف على ترجمة له، وجزم محقق الهواتف أنه محمد بن بكير ولا أراه، لأن ابن جبير قتله الحجاج سنة ٩٥ هـ بينما توفي محمد بن بكير بعد ٢٢٠ هـ كما في ترجمته في تهذيب التهذيب (٩/ ٨١).
(٥) سقطت اللفظة من ط والهواتف. واللفظة مشتقة من الخِرِّيت، وهو الدليل الحاذق والماهر الذي يهتدي لأخْراتِ المفاوز وهي طرقها الخفيفة ومضايقها التاج (خرت).
(٦) "عالج": رمال بين فيد والقُرَيَّات، وهي متصلة بالثعلبية على طريق مكة (٤/ ٦٩، ٧٠).
(٧) في الهواتف: إثار.