للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عينٌ (١) جُودي للفارسِ المِغْوارِ … ثم جُودي بواكفاتٍ غِزارِ

لا تَمَلِّي البكاءَ إذْ خانكِ الدَّهـ … رُ بوافي حقيقةٍ صبَّارِ

وتقيٍّ وذي وَقارٍ وحِلْمٍ وعديلِ … الفَخَارِ يومَ الفَخارِ

لهفَ نفسي على بقائِكَ عمرٌو … أسلمتْكَ الأعمارُ للأقدار

ولعمري لو لم تَرُمْهُ بغَدْرٍ … رُمتَ ليثًا بصارِمٍ بتَّارِ (٢)

قال: فأحفظَني قولُها، فاستللتُ سيفي، ودخلتُ الخيمةَ لأقتُلَها، فلم أرَ في الخيمة أحدًا، فاستقتُ الماشية وجئتُ إلى أهلي.

وهذا أثرٌ عجيب. والظاهر أنَّ الشيخ كان من الجانِّ، وكان ممن أسلم وتعلَّم القرآن. وفيما تعلَّمه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم. وكان يتعوَّذُ بها.

وقال الخرائطي (٣): حدَّثَنَا عبد اللَّه بن محمد البَلَويّ، حدّثنا عُمارة بن زيد قال: حدّثني عبد اللَّه (٤) ابن العلاء، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن جدَّته أسماءَ بنتِ أبي بكر قالت: كان زيدُ بن عمرو بن نُفَيل، ووَرَقَةُ بن نَوْفَل يذكرانِ أنَّهما أتيا النجاشيَّ بعد رجوع أبْرَهة من مكة. قالا: فلما دخلنا عليه قال لنا: اصْدُقاني أيها القرشيَّان، هل وُلد فيكم مولودٌ أراَد أبوهُ ذبْحَه، فضُربَ عليه بالقداح فسَلِم، ونُحرت عنه إبلٌ كثيرة؟ قلنا: نعم. قال: فهل لكما علم به ما فَعَل؟ قلنا: تزوَّج امرأةً يقال لها: آمنة بنت وَهْب، تركها حاملًا وخرج. قال: فهل تعلمان ولد أمْ لا؛ قال ورقةُ بن نوفل: أُخبرك أيها الملك أني ليلة قد بتُّ عند وثَنٍ لنا، كنَّا نُطيف به، ونعبده، إذْ سمعتُ من جَوْفه هاتفًا يقول: [من الوافر]

وُلد النبيُّ فذلَّتِ الأملاكُ … ونأى الضَّلالُ وأَدْبَرَ الإشْراكُ

ثمّ انتكس الصنَمُ على وجهه، فقال زيد بن عمرو بن نُفيل: عندي كخبره أيها الملك. قال: هات. قال: إني في مثل هذه الليلة التي ذكر فيها حديثه، خرجتُ من عند أهلي وهم يذكرون حَمْلَ آمنةَ، حتى أتيتُ جبلَ أبي قُبيس أريد الخُلُوَّ فيه لأمرٍ رابني، إذْ رأيتُ رجلًا نزل من السماء، له جناحان أخضران، فوقف على أبي قُبيس، ثم أشرف على مكة فقال: ذَلَّ الشيطانُ وبطَلَتِ الأوثان، ووُلد الأمين. ثم نشر ثوبًا معه، وأهوى به نحو المَشْرِق والمغرب، فرأيتُه قد جلَّلَ ما تحت السماء، وسطع نورٌ كاد أن يختطف بصري، وهالني ما رأيت. وخفق الهاتفُ بجناحَيْه حتَّى سقط على الكعبة؛ فسطع له نورٌ أشرقت له تِهَامة، وقال: ذَكت (٥) الأرضُ وأدَّتْ ربيعَها. وأومأ إلى الأصنام التي كانت على الكعبة


(١) في ط: يا عين، وفي الهواتف: عيني، والمثبت من ح.
(٢) في ح: لصارم، وفي ط: كصارم، والمثبت من الهواتف.
(٣) في هواتف الجنان (ص ١٨٣)، وإسناده تالف فعمارة بن زيد كذاب (الميزان ٣/ ١٧٧).
(٤) في أصل الهواتف: عبيد اللَّه، وانظر ص (١٦٢) ح ٥ وص (١٦٧) ح ٣.
(٥) في الهواتف: زلت. وهما بمعنى.