للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدّثنا أبو غزيَّةً (١) محمد بن موسى، عن العطَّاف بن خالد الوابصيّ (٢)، عن خالد بن سعيد، عن أبيه قال: سمعتُ تميمًا الداريَّ يقول: كنتُ بالشام حين بُعث النَّبِيّ ، فخرجتُ لبعضِ حاجتي، فأدركني الليل، فقلت: أنا في جِوارِ عظيم هذا الوادي الليلة. قال: فلما أخذتُ مضجعي إذا أنا بمنادٍ يُنادي - لا أراه - عُذْ باللّه، فإنَّ الجنَّ لا تُجيرُ أحدًا على اللَّه. فقلت: أيم اللَّه تقول (٣)؟ فقال: قد خرج رسولُ الأمِّيِّين رسولُ اللَّه، وصلَّينا خلفه بالحَجُون، فأسلمنا واتَّبَعْناه، وذهب كَيْدُ الجِنّ، ورُميَتْ بالشُّهب، فانطلِقْ إلى محمد رسولِ ربِّ العالمين فأسلِم. قال تميم: فلما أصبحتُ ذهبتُ إلى دير أيُّوب، فسألتُ راهبًا وأخبرتُه الخبر، فقال الراهب: قد صدَقُوكَ، يخرجُ من الحرم ومهاجَرُهُ الحرم، وهو خيرُ الأنبياء فلا تُسْبَق إليه. قال تميم: فتكلَّفْتُ الشخوصَ حتَّى جئتُ رسولَ اللَّه فأسلمت.

وقال حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد الهُذَلي، عن عبد اللَّه بن ساعدة الهُذَلي، عن أبيه، قال: كُنَّا عند صنَمِنا سُوَاع، وقد جلَبْنا إليه غنمًا لنا مئتي شاة، قد أصابها جَرَب، فأدْنَيْتُها منه لِتَطَلُّبِ بركتِه، فسمعتُ مناديًا من جَوْف الصَّنَم يُنادي: قد ذهب كَيْدُ الجِنّ، ورُمينا بالشُّهب، لنبيٍّ اسمُهُ أحمد. قال: فقلت: غَوَيْتُ واللّه، فصرَفْتُ وَجْهَ غنَمي مُنْجِدًا إلى أهلي (٤)، فخبَّرَني بظهورِ النبيّ .

ذكرَهُ أبو نُعيم هكذا معلَّقًا (٥)، ثم قال (٦):

حدّثنا عمر بن محمد بن جعفر، حدّثنا إبراهيم بن السِّنْديّ، حدّثنا النَّضْر بن سلَمة، حدّثنا محمد بن سلمة (٧) المَخْزومي، حدّثنا يحيى بن سليمان، عن حكيم بن عطاء الظفري (٨) - من بني سُليم من ولد راشد بن عبد ربِّه - عن أبيه، عن جدِّه، عن راشد بن عبد رَبِّهِ قال: كان الصَّنَمُ الذي يُقال له: سُوَاع بالمَعْلاة من رُهاط (٩)، تَدينُ له هُذَيل وبنو ظفر بن سُليم، فأرسلَتْ بنو ظَفَر راشدَ بن عبد ربِّهِ بهديَّةٍ من


(١) سقطت اللفظة من ح.
(٢) في ط: الوصابي. تصحيف، والمثبت من تهذيب الكمال للمزي (٢٠/ ١٣٨) وتهذيب التهذيب لابن حجر، نسبه إلى وابصة بن خالد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، أحد أجداده.
(٣) في تاريخ ابن عساكر: أيم تقول. وهو بمعنى: أي شيء تقول؛ انظر مختصر تاريخ دمشق والتاج (أيم).
(٤) في ح: أهله. والمثبت من ط، وفي الإصابة: منحدرًا.
(٥) ليس الخبر في دلائل أبي نعيم المطبوع، وقد أورده ابن حجر في الإصابة في ترجمة ساعدة، وذكر لرواية أبي نعيم له في الدلائل، وقال: وإسناده ضعيف.
(٦) يعني أبا نعيم في الدلائل (١/ ١٥٠)، وإسناده فيه مجاهيل.
(٧) في ط: مسلمة، تصحيف، والمثبت من ح والدلائل والجرح والتعديل (٧/ ٢٧٦).
(٨) في دلائل أبي نعيم: الصقري، وفي الإصابة: السلمي. ولم أقف على ترجمة له فيما لدي من المصادر، والمثبت هنا من الإصابة، وهو أشبه بالصواب، لأنه من بني ظفر بن سليم كما سيأتي.
(٩) "المعلاة": بالفتح ثم السكون: موضع بين مكة وبدر. ورُهاط: بضم أوله: موضع على ثلاثة ليال من مكة، وقال قوم: وادي رهاط في بلاد هذيل. وكان أول من اتخذ سواعًا من ولد إسماعيل حين فارقوا دين إسماعيل هذيل بن مدركة. معجم البلدان (٣/ ١٠٧ و ٢٧٦، و ٥/ ١٥٨) والأصنام (ص ٩، ١٠).