للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنْتَثَل (١)، وأمُّك قد كادت تَثْكَل؟ أرأيتَكَ إن حوَّلْناها عنك بالمِحْوَل، ثم ملأناها بالجَنْدَل، وقذفنا فيها القُصَل، الذي مَضَى فأجزأك، وظنَّ أنْ لن يفعل؟ أتشكرُ لرَبِّكَ وتُصَلّ، وتدَعُ دينَ مَنْ أشرك وضَلّ؟ قال: قلت: نعم. قال: قُمْ، قد برئت. قال: فبرئ الرجل. ومات القُصَل فجُعل في حُفْرته.

قال الجُهَنيُّ: فرأيتُ الجُهنيَّ بعد ذلك يصلَّي ويسبُّ الأوثانَ ويقَعُ فيها (٢).

وقال الأموي: حدّثنا عبد اللَّه قال: بينما عمر بن الخطاب في مجلس يتحدَّثون عن الجن، فقال خُريم بن فاتك الأسدي: ألا أحدِّثك كيف كان إسلامي؟ قال: بلى. قال: إني يومًا في طلب ذَوْدٍ لي، أنا منها على أَثَر، تنصَبُّ وتصعد (٣)، حتى إذا كنت بأبْرَقِ العَزَّاف (٤)، أنختُ راحلتي وقلت: أعوذُ بعظيم هذه البلدة، أعوذ برئيس هذا الوادي، فإذا بهاثف يهتف بي: [من الرجز]

ويحكَ، عُذْ باللهِ ذي الجلالِ … والمجدِ والعلياءَ والإفضالِ

ثم اتلُ آياتٍ من الأنفال … ووحِّدِ اللهَ ولا تبالي

قال: فذُعرت ذُعْرًا شديدًا، ثمَّ رجعتُ إلى نفسي فقلت: [من الرجز]

يا أيُّها الهاتفُ ما تقولُ؟ … أرَشَدٌ عندكَ أمْ تَضْليلُ؟

بيِّنْ هداك اللهُ ما الحَوِيلْ (٥)

قال: فقال: [من الرجز]

هذا رسولُ اللَّه ذو الخيراتِ … بِيَثْربٍ يَدْعُو إلى النَجاةِ

يأمر بالبرِّ وبالصَّلاةِ … ويَرْدَعُ الناسَ عن الهَنَاتِ (٦)

قال: قلت له: والله لا أبرَحُ حتَّى اَتيَة وأؤمنَ به، فنصبتُ رِجْلي في غَرْز (٧) راحلتي وقلت: [من الرجز]

أرشِدْني أرشِدْني هُديتا (٨) … لا جُعتَ ما عشتَ ولا عَرِيتا


(١) يقال: نثلوا حفرة فلان وانتثلوها: أي حفروا قبره. الأساس واللسان (نثل).
(٢) إسناده ضعيف لجهالة من روى عنه الشعبي.
(٣) "تنصبّ": تنحدر. انظر اللسان (صبب).
(٤) في ح، ط: العراق. وهو تصحيف، والمثبت من تاريخ ابن عساكر ومعجم البلدان (١/ ٦٨) وفيه: أبرق العزاف: ماء لبني أسد بن خزيمة، وهو في طريق القاصد إلى المدينة من البصرة، يجاء من حومانة الدراج إليه. قالوا: وإنما سمي العزاف، لأنهم يسمعون عزيف الجن.
(٥) "ما الحويل": ما الحيلة؟ والحويل: الحذق وجودة النظر، والقدرة على دقة التصرف. اللسان (حول).
(٦) في ط: ويزع، وكلاهما بمعنى، وهو الزجر والنهي والكف.
(٧) "الغرز": ركاب الرَّحْل، من جلد مخروز، يعتمد عليه في الركوب. المعجم الوسيط (غرز).
(٨) كذا في ح، ط، والبيت مضطرب الوزن، ورواية أبي نعيم في الدلائل أشبه بالصواب وهي: أرشدني رُشْدًا بها هُديتا.