للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنصرَكَ. فعندها قال رسول اللّه : "أوَ مُخْرِجي هُمْ؟ " قال السُّهَيْلي (١): وإنما قال ذلك، لأن فراقَ الوطن شديدٌ على النفوس. فقال: نعم، إنّهُ لم يأتِ أحدٌ بمثلِ ما جئتَ به إلا عُودي، وإنْ يُدْركني يومُك أَنْصُرْكَ نصرًا مؤزَّرًا. أي: أنصركَ نصرًا عَزيزًا أبدًا.

وقوله: ثم لم ينشَبْ ورقَةُ أنْ تُوُفِّي؛ أي: تُوفِّي بعدَ هذه القصة بقليل (٢) ورضي عنه، فإنَّ مثلَ هذا الذي صَدَر عنه، تصديقٌ بما وجدوا، إيمانٌ بما حَصَل من الوحي، ونيَّةٌ صالحة للمستقبل.

وقد قال الإمام أحمد (٣): حَدَّثَنَا حسن، عن ابنِ لَهِيعة، حدّثني أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة، أنَّ خديجةَ سألتْ رسولَ اللَّه عن ورقَةَ بن نوْفَل فقال: "قَدْ رأيتُهُ [في المنام] فرأيتُ عليه ثيابَ بَيَاضٍ، فأحسَبُهُ لو كانَ من أهلِ النارِ لَمْ يَكُنْ عليه ثيابُ بَيَاض".

وهذا إسنادٌ حسن (٤)، لكنْ رواهُ الزُّهْري وهشام عن عروة مرسلًا. فاللّه أعلم.

وروى الحافظُ أبو يَعْلَى (٥) عن سُرَيج (٦) بن يونس، عنِ إسماعيل، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد اللَّه، أنَّ رسولَ اللَّه سُئل عن ورَقَةَ بن نوْفل فقال: [قد رأيتُهُ فرأيتُ عليه ثيابَ بَيَاضٍ] (٧)، أبْصَرْتُهُ في بُطْنَانِ الجنَّةِ وعليه السُّنْدُس" (٨). وسُئل عن زيد بن عمرِو بنِ نُفيل فقال: "يُبْعَثُ يومَ القيامةِ أُمَّةً وَحْدَه" (٩). وسئل عن أبي طالب [هل تَنْفَعُهُ نُبوَّتُك؟] فقال: " [نعم] أخْرَجَتْهُ من غَمْرَةٍ من جهنم إلى ضَحْضَاح منها". وسئل عن خَدِيجة - لأنَّها ماتَتْ قَبْلَ الفَرَائِضِ وأحكامِ القرآن - فقال: "أبْصَرْتُها على نَهَرٍ في الجنَّة، في بيتٍ من قَصَب، لا صَخَب فيه ولا نَصَب". إسنادٌ حَسَنْ (١٠)، ولبعضه شواهِدُ في الصَّحِيح. واللّه أعلم.


(١) الروض الأنف (١/ ٢٧٦).
(٢) ليست اللفظة في ح.
(٣) مسند أحمد (٦/ ٦٥) وما يأتي بين معقوفين منه.
(٤) هكذا قال ، ومني أين يأتيه الحسن وهو من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف، بل الصواب ما ذكره المصنف بعد هذا أن الزهري رواه مرسلًا (أخرجه عبد الرزاق ٩٧٠٩). وروى الترمذي (٢٢٨٨) بإسناد ضعيف جدًا فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي - وهو متروك - عن الزهري عن عروة عن عائشة، وضَعّفه. ولكن صححه الحاكم (٤/ ٣٩٣) فتعقبه الذهبي لظهور ضعفه الشديد. والخلاصة أنه لا يعرف إلا مرسلًا. (بشار).
(٥) مسند أبي يعلى رقم (٢٨١) و (٢٠٤٧).
(٦) في ح، ط: شريح تصحيف، والمثبت من مسند أبي يعلى والإكمال (٤/ ٢٧٢) وتهذيب الكمال (١٠/ ٢٢١).
(٧) ما بين المعقوفين ليس في مسند أبي يعلى.
(٨) في مسند أبي يعلى: عليه سندس، وفيه تقديم السؤال عن أبي طالب ثم عن خديجة ثم عن ورقة ثم عن زيد، وما يأتي بين معقوفين منه.
(٩) زاد أبو يعلى: بيني وبين عيسى.
(١٠) هكذا قال وفي إسناده مجالد بن سعيد ليس بالقوي وتغير في آخر عمره كما قال الحافظ ابن حجر في =