للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيس لأمه (١) - أنه قال: كنتُ امرأً تاجرًا، فقدمتُ مِنىً أيام الحجّ، وكان العباس بن عبد المطلب امرأً تاجرًا، فأتيتُه أبتاع منه وأبيعه، قال: فبينا نحن إذْ خرج رجلٌ من خِباءٍ يصلِّي، فقام تجاه الكعبة، ثم خرجتِ امرأةٌ فقامتْ تصلِّي، وخرج غلامٌ فقام يصلِّي معه، فقلت: يا عباس، ما هذا الدِّين؟ إنَّ هذا الدِّين ما ندري ما هو؟ فقال [العباس]: هذا محمد بن عبد الله، يزعم أنَّ الله أرسله، وأنَّ كنوز كسرى وقيصر ستُفتح عليه، وهذه امرأته خديجةُ بنت خُويلد آمنتْ به، وهذا الغلام ابنُ عمِّه عليُّ بن أبي طالب آمن به.

قال عفيف: فليتني كنتُ آمنت يومئذ، فكنت أكون ثانيًا.

وتابعه إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق (٢)، وقال في الحديث: إذْ خرج رجلٌ من خِباءٍ قريب منه، فنظر إلى السماء، فلما رآها قد مالت قام يُصلِّي. ثم ذكر قيامَ خديجةَ وراءه.

وقال ابنُ جرير (٣): حدّثني محمد بن عبيد المحاربي، حدّثنا سعيد بن خُثيم، عن أسد بن عَبْدَةَ البجَلي، عن يحيى بن عفيف، عن عفيف (٤). قال: جئت في (٥) الجاهلية إلى مكة، فنزلتُ على العباس بن عبد المطلب، فلما طلعت الشمس وحلَّقتْ في السماء وأنا أنظر إلى الكعبة، أقبل شابٌّ فرمى ببصره إلى السماء، ثمّ استقبل الكعبة فقام مستقبلَها، فلم يلبثْ حتى جاء غلامٌ فقام عن يمينه، فلم يلبثْ حتى جاءتِ امرأةٌ فقامتْ خلفهما، فركع الشابُّ، فركع الغلامُ والمرأة؛ فرفع الشابّ فرفع الغلام والمرأة، فخرَّ الشابُّ ساجدًا فسجدا معه، فقلت: يا عباس، أمرٌ عظيم! فقال: أمر عظيم! فقال أتدري (٦) مَنْ هذا؟ فقلت: لا، فقال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي، أتدري (٦) من الغلام؟ قلت: لا، قال: هذا عليُّ بن أبي طالب أتدري (٦) مَنْ هذه المرأة التي خلفهما؟ قلتُ: لا، قال: هذه خديجةُ بنتُ خويلد زوجةُ ابنِ أخي، وهذا حدثني أنَّ ربَّك ربُّ السماء والأرض، أمره بهذا الذي تراهم عليه، وايْمُ الله ما أعلم على ظهر الأرض كُلِّها أحدًا على هذا الدِّين غير هؤلاء الثلاثة.

وقال ابن جرير (٧): حدّثني ابنُ حُميد، حدّثنا عيسى بن سَوادة بن الجَعْد، حدّثنا محمد بن المنكدِر


(١) المعترضة ما بين الخطين ليست في سيرة ابن إسحاق ولا الميزان.
(٢) ميزان الاعتدال (١/ ٢٢٣) حيث ساقه عن إبراهيم هذا.
(٣) ابن جرير الطبري في تاريخه (٢/ ٣١١) وأخرجه ابن سعد في الطبقات (٨/ ١٧) عن يحيى بن الفرات القزاز عن سعيد بن خثيم به.
(٤) قوله "عن عفيف" سقط من ط ولا يصح إلا به، فأثبتناه من تاريخ الطبري.
(٥) في ح: من، وفي ط: زمن. والمثبت من تاريخ الطبري.
(٦) في ح: أتدرون، والمثبت من ط وتاريخ الطبري.
(٧) تاريخ الطبري (٢/ ٣١٢).