للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا ما رواه ابنُ جرير قائلًا (١): أخبرنا ابنُ حُميد، حدّثنا كنانة بن جَبَلة (٢) عن إبراهيم بن طَهْمان عن حجَّاج، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن محمد بن سعد بن أبي وقَّاص، قال: قلت لأبي: أكان أبو بكر أوَّلَكُم إسلامًا؟ قال: لا! ولقد أسلم قَبْلَهُ أكثرُ من خمسين، ولكن كانَ أفْضَلَنا إسلاما. فإنَّهُ حديثٌ منكر إسنادًا ومتنًا.

قال ابنُ جرير (٣): وقال آخرون: كان أولَ من أسلم زيدُ بنُ حارثة. ثمّ روى من طريق الواقدي عن ابن أبي ذئب، سألتُ الزهري: مَن أولُ من أسلم من النساء؟ قال خديجة: قلت: فمن الرجال؟ قال: زيد بن حارثة.

وكذا قال عروة وسليمانُ بنُ يسار، وغيرُ واحدٍ: أولُ من أسلم من الرجال زيد بن حارثة. وقد أجاب أبو حنيفة بالجمع بين هذه الأقوال بأنَّ أولَ مَنْ أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان عليُّ بن أبي طالب، أجمعين.

قال محمد بن إسحاق (٤): فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله ﷿، وكان أبو بكر رجلًا مَأْلفًا لقومه، مُحَبًّا (٥) سهلًا، وكان أنسبَ قريشٍ لقريش، وأعلم قريشٍ بما كان فيها من خير وشر؛ وكان رجلًا تاجرًا، ذا خُلُقٍ ومعروف، وكان رجالُ قومه يأتونه ويألفونه لغير واحدٍ من الأمر، لعلمهِ وتجارتِه وحُسْنِ مجالسته. فجعل يدعو إلى الإسلام مَنْ وَثِقَ به من قومه ممن يغشاهُ ويجلس إليه، فأسلم على يديه فيما بلغني الزُّبيرُ بنُ العوَّام، وعثمانُ بن عفَّان، وطلحةُ بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقَّاص، وعبد الرحمنِ بنُ عوف، ، فانطلقوا إلى رسولِ الله ومعهم أبو بكر، فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحقِّ الإسلام (٦) فآمنوا، وكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا في الإسلام، فصدَّقوا (٧) رسولَ الله وآمنوا بما جاء من عند الله.

وقال محمد بن عمر الواقدي (٨): حدّثني الضحاك بن عثمان، عن مَخْرَمَة بنِ سليمان الوالبيّ، عن


(١) في تاريخه (٢/ ٣١٦).
(٢) في ح، ط: حبلة، بالحاء المهملة، والمثبت من الطبري وتهذيب الكمال (٢٥/ ٩٨)، وقد جعل ابن ماكولا وغيره "جبلة" الجادة، وأحصوا ما سواه فلم يذكروا كنانة هذا.
(٣) في تاريخه (٢/ ٣١٦).
(٤) سيرة ابن إسحاق (ص ١٤٠).
(٥) في السير: محبَّبًا.
(٦) زاد ابن إسحاق هنا: وبما وعدهم من كرامة فآمنوا …
(٧) في السير: فصلوا وصدقوا.
(٨) قول الواقدي هذا في طبقات ابن سعد (٣/ ٢١٤، ٢١٥) ودلائل النبوة للبيهقي (٢/ ١٦٦).