للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتيتُ رسولَ الله فقلت: علِّمني من هذا القولِ الطيِّب -يعني القرآن- فقال: "إنك غلامٌ مُعَلَّم" فأخذت من فيهِ سبعينَ سورةً ما يُنازعُني فيها أحد.

وهكذا رواهُ الإمام أحمد (١)، عن عفَّان، عن حماد بن سلمة به.

ورواه الحسن بن عَرَفَة عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النَّجُود (٢) به.

وقال البيهقي (٣): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو عبد الله بن بُطَّةَ (٤) الأصبهاني، حدّثنا الحسن بن الجَهْم، حدّثنا الحسين بن الفرج، حدّثنا محمد بن عمر، حدّثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير، [عن أبيه -أو] (٥) عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان- قال: كان إسلامُ خالد بن سعيد بن العاص قديمًا، وكان أولَ إخوته أسلم، وكان بُدُوُّ إسلامه أنه رأى في المنام أنه وُقف به على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله أعلم به، ويرى في النوم كأنَّ أباه (٦) يدفعه فيها، ويرى رسولَ الله آخذًا بحَقْوَيْه لا يقع، ففزع من نومه فقال: أحلف بالله إنَّ هذه لرؤيا حقّ؛ فَلَقِيَ أبا بكر بن أبي قُحافة، فذكر ذلك له، فقال: أُريدَ بك خير، هذا رسولُ الله فاتَّبعه، فإنك ستتبعُه وتدخل معه في الإسلام، والإسلام يَحْجُزكَ أنْ تدخلَ فيها، وأبوك واقعٌ فيها، فلقي رسولَ الله وهو بأجْياد، فقال: يا رسولَ الله، يا محمد، إلى ما (٧) تدعو؟ قال: "أدعوك (٨) إلى الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وتخلعَ ما أنت عليه من عبادةِ حجرٍ لا يسمع ولا يُبصر ولا يضُرّ ولا ينفع، ولا يدري من عَبَدَهُ ممن لا يعبدُه". قال خالد: فإني أشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وأشهدُ أنَّك رسولُ الله، فسُرَّ رسولُ الله بإسلامه، وتغيَّب خالد، وعلم أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه، فأتي به، فأنَّبَهُ وضربه بمِقْرَعةٍ في يده حتى كسرها على رأسه، وقال: والله لأمنعنَّكَ القُوت. فقال خالد: إنْ منعتني فإنَّ الله يرزقُني ما أعيش به. وانصرف إلى رسول الله فكان يكرمه (٩) ويكون معه.


(١) مسند أحمد (١/ ٣٧٩، ٤٦٢).
(٢) ساق هذه الرواية البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ١٧٢).
(٣) في دلائل النبوة (٢/ ١٧٢).
(٤) بضم الباء الموحدة، قيّده الذهبي في المشتبه (٨٤)، وابن ناصر الدين في توضيحه (١/ ٥٥٦) وهو محمد بن أحمد بن بُطة المتوفى بأصبهان سنة ٣٤٤ هـ (بشار).
(٥) ليس ما بين المعقوفين في دلائل البيهقي.
(٦) في ح: كأن آت أتى يدفعه، وفي ط: كان آتٍ أتاه. والمثبت من دلائل البيهقي.
(٧) في الدلائل: إلى من. وإثبات ألف ما المجرورة قليل شاذ كما في الخزانة (٦/ ٩٩).
(٨) في الدلائل: أدعو.
(٩) كذا في ح، ط وفي الدلائل: يلزمه وهو أشبه بالصواب. وإلى جانب السطر في ح كلمة: بلغ. يعني بلغ مقابلة.