للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن إسحاق (١): فحدثني هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان ورَقَةُ بن نَوْفَل يمرُّ به وهو يعذَّب لذلك وهو يقول: أحَدٌ أحَد، فيقول [ورقة:] (٢) أحَد أحَد واللهِ يا بلال، ثم يُقْبِلُ على أميَّة بن خلف ومَنْ يصنع ذلك به من بني جُمح فيقول: أحلفُ بالله، لئنْ قتلتموه على هذا لأتَّخِذَنَّهُ حَنَانًا (٣).

قلت: قد استشكل بعضُهم هذا من جهة أنَّ ورَقَة توفِّي بعد البِعْثة في فترة الوحي، وإسلام مَنْ أسلم إنما كان بعد نزول ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ فكيف يمرُّ ورَقَةُ ببلال، وهو يعذَّب؟ [وفيه نظر.

ثم ذكر ابنُ إسحاق (٤) مرور أبي بكرٍ ببلال وهو يعذَّب] (٥)، فاشتراه من أمية بعبدٍ له أسود فأعتقه وأراحَهُ من العذاب. وذكر مشتراه لجماعةٍ ممن أسلم من العَبيد والإماء، منهم بلال، وعامر بن فُهيرة، وأم عُبَيس (٦)، [وزِنِّيرة] (٧) التي أُصيب بصَرُها، ثم ردَّه الله تعالى لها، والنهديَّة وابنتها اشتراها من بني عبد الدار بعثَتْهما سيدتُهما تطحنانِ لها فسمعها وهي تقول لهما: والله لا أعتقكما أبدًا، فقال أبو بكر: حِلًا (٨) يا أمَّ فلان، فقالت: حلَّ أنت، أفسدْتَهما فأعتِقْهما. قال: فبكم هما؟ قالت: بكذا وكذا. قال: قد أخذتُهما وهما حُرَّتان، أرْجِعا إليها طحينها. قالتا: أو نفرُغُ منه يا أبا بكر ثم نردُّه إليها؟ قال: أو ذلك إنْ شئتما.

واشترى جاريةَ بني مؤمَّل -حي من بني عَدِيّ- كان عمر يضربها على الإسلام.

قال ابن إسحاق (٩): فحدّثني محمد بن عبد الله بن أبي عَتِيق، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن


(١) سيرة ابن إسحاق (ص ١٩٠) وسيرة ابن هشام (١/ ٣١٨) والروض (٢/ ٦٧).
(٢) ما بين معقوفين من سيرة ابن إسحاق.
(٣) قال ابن الأثير في النهاية (١/ ٤٥٢): "الحنان": الرحمة والعطف، والحنان الرزق والبركة. وكان ورقة على دين عيسى . وهلك قبيل مبعث النبي ؛ لأنه قال للنبي : إن يدركني يومك لأنصرنك نصرًا مؤزرًّا.
وفي هذا نظر، فإن بلالًا ما عُذب إلا بعد أن أسلم. اهـ.
(٤) سيرة ابن إسحاق (ص ١٩١) وسيرة ابن هشام (١/ ٣١٨) والروض (٢/ ٦٨).
(٥) ما بين المعقوفين ليس في ح ولعله سقط من انتقال النظر بين كلمة: يعذب الأولى والثانية.
(٦) في ح، ط والروض: عميس. تصحيف، والمثبت من السير والمغازي وسيرة ابن هشام والإصابة في ترجمتها في الكنى.
(٧) ما بين معقوفين سقط من ح، ط وأثبته من مصادر الخبر. قال السهيلي في الروض (٢/ ٧٨): وأول اسمها زاي مكسورة بعدها نون مكسورة مشددة على وزن فِعِّيلة، هكذا صحَّت الرواية في الكتابة، والزنيرة: واحدة الزنانير، وهي الحصا الصغار، قاله أبو عبيدة، وبعضهم يقول فيها: زنيرة بفتح الزاي وسكون النون وباء بعدها، ولا تعرف زنيرة في النساء. اهـ.
(٨) في ح، ط وسيرة ابن هشام: حل وفي السير والمغازي: أجل، والمثبت من الروض. قال ابن الأثير في النهاية (حلل): وفي حديث أبي بكر أنه قال لامرأة حلفت أن لا تعتق مولاة لها، فقال لها: حِلًا أمَّ فلان، واشتراها وأعتقها. أي تحلَّلي من يمينك، وهو منصوب على المصدر.
(٩) في السير والمغازي (ص ١٩١، ١٩٢) وسيرة ابن هشام (٢/ ٣١٩) والروض (٢/ ٦٨).