للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي إسحاق، عن سعيد بن وَهْب، عن خبَّاب قال: شكَوْنا إلى النبيِّ شدَّةَ الرَّمْضَاء [فما أشكانا -يعني في الصلاة- وقال ابنُ جعفر: فلم يُشْكِنا.

وقال أيضًا (١): حدثنا سليمان بن داود، حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعتُ سعيد بن وَهْبٍ يقول: سمعت خَبَّابًا يقول: شكونا إلى رسولِ الله الرَّمْضَاء (٢) فلم يُشْكِنا.

قال شعبة: يعني في الظُّهر (٣).

ورواه مسلم والنَّسائي والبيهقي (٤) من حديث أبي إسحاق السَّبيعي، عن سعيد بن وَهْب، عن خَبَّاب قال: شكَوْنا إلى رسولِ الله حَرَّ الرَّمْضاء -زاد البيهقي في وجوهنا وأكُفِّنا- فلم يُشْكِنا (٥).

وفي رواية (٦): شكونا إلى رسولِ الله الصلاة في الرَّمضاء فلم يُشْكنا.

ورواهُ ابنُ ماجه (٧) عن علي بن محمد الطَّنَافِسِيّ، عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب (٨) العَبْدي، عن خباب قال: شكونا إلى رسولِ الله حَرَّ الرَّمْضاء فلم يُشْكِنا.

والذي يقع لي -والله أعلم- أنَّ هذا الحديث مختصرٌ من الأول، وهو أنهم شكَوْا إليه ما يَلْقَوْن من المشركين من التعذيب بحرِّ الرَّمْضَاء، وأنهم يسحبونهم على وجوههم فيتَّقون بأكفِّهم، وغير ذلك من أنواع العذاب كما تقدم عن ابن إسحاق وغيره، وسألوا منه أن يدعُوَ الله لهم على المشركين أو يستنصر عليهم، فوعدهم ذلك ولم ينجزْه لهم في الحالة الرَّاهنة، وأخبرهم عمَّن كان قبلهم أنهم كانوا يلقَوْن من العذاب ما هو أشدُّ مما أصابهم، ولا يصرفُهم ذلك عن دينهم، ويبشِّرُهم أنَّ الله سيتِمُّ هذا الأمر ويُظهره ويُعلنه وينشره وينصُره في الأقاليم والآفاق، حتى يسير الراكبُ من صنعاء إلى حَضْرَمَوت لا يخافُ إلا اللهَ ﷿ والذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون، ولهذا قال: شكَوْنا إلى رسول الله حرَّ الرمضاء في وجوهنا وأكُفِّنا فلم يُشْكِنا، أي: لم يدْعُ لنا في الساعة الراهنة. فمن استدلَّ بهذا الحديث على عدَمِ الإبراد أو على وجوب مباشرة المصلِّي بالكفِّ كما هو أحد قولي الشافعي، ففيه نظر. والله أعلم.


(١) يعني الإمام أحمد في مسنده (٥/ ١٠٨) رقم (٢٠٩٥٠).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من ح.
(٣) في ط: الظهيرة. والمثبت من ح ومسند الإمام أحمد.
(٤) صحيح مسلم (١٨٩ - ٦١٩) مساجد باب استحباب تقديم ظهر في أول الوقت، وسنن النسائي (٤٩٧) مواقيت باب أول وقت الظهر، وسنن البيهقي (٢/ ١٠٥) كتاب الصلاة باب الكشف عن الجبهة في السجود.
(٥) قوله: لم يُشْكِنا: أي لم يُزِل شكوانا. شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ١٢١).
(٦) وهي رواية مسلم السابقة.
(٧) في سننه (٦٧٥) الصلاة باب وقت صلاة الظهر.
(٨) وقع في سنن ابن ماجه: مضرَّب. براء مشددة مفتوحة، والصواب براء مشددة مكسورة كما في التقريب (١/ ١٤٥) وكتب الضبط الأخرى.