للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أرض الحبشة مخافةَ الفتنة، وفرارًا إلى الله بدينهم. فكانتْ أولَ هجرةٍ كانتْ في الإسلام.

وكان أولَ من خرج من المسلمين عثمانُ بن عفان، وزوجتُه رُقَيَّةُ بنتُ رسولِ الله .

وكذا روى البيهقي (١) من حديث يعقوب بن سفيان، عن عباس العَنْبَرِيّ، عن بشر بن موسى، عن الحسن بن زياد البُرْجُمي، حدثنا قتادة قال: إنَّ أولَ من هاجر إلى الله تعالى بأهله عثمانُ بن عفان ، سمعتُ النَّضْرَ بن أنس يقول: سمعت أبا حمزة -يعني أنس بن مالك- يقول: خرج عثمان بنُ عفَّان ومعه امرأتهُ رُقَيَّة بنتُ رسولِ الله إلى أرض الحبشة، فأبطأ على رسول الله خبرهم، فقدمتِ امرأةٌ من قريش فقالت: يا محمد، قد رأيتُ خَتَنَك ومعه امرأته. قال: "على أي حال رأيتِهما؟ ".

قالت: رأيتُه قد حمل امرأتَهُ على حمارٍ من هذه الدَّبَّابَة (٢)، وهو يسوقها. فقال رسولُ الله : "صَحِبَهُما الله، إنَّ عثمانَ أولُ من هاجر بأهله بعد لوط ".

قال ابن إسحاق (٣): وأبو حذيفة [بن عتبة، وزوجته سَهْلة بنت سُهيل بن عمرو -وولدت له بالحبشة محمد بن أبي حذيفة] (٤) - والزُّبير بن العوَّام، ومُصْعَب بن عُمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سَلَمة بن عبد الأسد، وامرأتُه أمُّ سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة -وولدت له بها زينب- وعثمان بن مَظْعُون، وعامر بن ربيعة -حليف آلِ الخطَّاب، وهو من بني عَنْز بن وائل وامرأته ليلى بنت أبي حَثْمة، وأبو سَبْرَة بن أبي رُهْم العامري، وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو- ويقال: أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد وُدّ بن نَصْر بن مالك بن حِسْل بن عامر -وهو أوَّلُ مَنْ قدِمها فيما قيل- وسُهيل بن بَيْضاء.

فهؤلاء العشرة أولُ مَنْ خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة فيما بلغني.

قال ابنُ هشام (٥): وكان عليهم عثمان بن مظعون، فيما ذكر بعضُ أهل العلم.

قال ابن إسحاق (٦): ثم خرج جعفر بن أبي طالب ومعه امرأته أسماء بنت عميس وولدت له بها عبد الله بن جعفر؛ وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة.

وقد زعم موسى بن عقبة أنَّ الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة كانت حين دخل أبو طالب ومن حالفه مع رسولِ الله إلى الشِّعْب، وفي هذا نظر. والله أعلم. وزعم أن خروج جعفر بن أبي طالب إنما كان في


(١) في الدلائل (٢/ ٢٩٧).
(٢) أي الضعاف التي تدِبّ في المشي ولا تسرع. النهاية لابن الأثير (دبب).
(٣) في سيرة ابن هشام (١/ ٣٢٢) والروض (٢/ ٧٠) وهو تتمة الخبر المروي في الصفحة السابقة، السير والمغازي (ص ٢٢٣).
(٤) ما بين المعقوفين سقط من ح.
(٥) سيرة ابن هشام (١/ ٣٢٣).
(٦) السير والمغازي (ص ٢٢٦) وسيرة ابن هشام -واللفظ له- (١/ ٣٢٣) والروض (٢/ ٧٠).