للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرحبًا بكم وبمن جئتُم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشَّرَ به عيسى، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيتُه حتى أقبِّل نعلَيْه؛ امكثوا في أرضي ما شتئم، وأمر لنا بطعام وكسوة وقال: ردُّوا على هذَيْن هديتَهما.

وكان عمرو بن العاص رجلًا قصيرًا، وكان عُمارة رجلًا جميلًا، وكانا أقبلا في البحر، فشربا ومع عمرو امرأتُه، فلما شربا قال عمارة لعمرو مُرِ امرأتك فلْتقبِّلني. فقال له عمرو: ألا تستحي؟ فأخذ عُمارة عَمْرًا فرَمَى به في البحر، فجعل عمرو: يناشد عمارة حتى أدخله السفينة، فحقد عليه عمرٌو في ذلك. فقال عمرو للنجاشي: إنك إذا خرجت خَلَفَ (١) عُمارةُ في أهلك (٢)، فدعا النجاشيُّ بعمارة، فنفخ في إحليله، فطار مع الوحش.

وهكذا رواه الحافظ البيهقي في الدلائل (٣) من طريق أبي علي الحسن بن سلام السوَّاق، عن عبيد الله بن موسى، فذكر بإسناده مثلَه، إلى قوله: فأمر لنا بطعامٍ وكسوة. قال: وهذا إسنادٌ صحيح، وظاهرهُ يدلُّ على أنَّ أبا موسى كان بمكة، وأنه خرج مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة، والصحيح عن يزيد بن عبد الله بن أبي بُرْدَة، عن جدِّه أبي بُردة، عن أبي موسى: أنهم بلغهم مَخْرَجُ رسولِ الله وهم باليمن فخرجوا مهاجرين في بضعٍ وخمسين رجلًا في سفينة، فألْقَتْهم سفينَتُهم إلى النجاشيِّ بأرضِ الحبشة، فوافقوا جعفر بن أبي طالب وأصحابَهُ عندهم (٤)، فأمره (٥) جعفر بالإقامة، فأقاموا عنده حتى قدموا على رسولِ الله زمنَ خيبر. قال: وأبو موسى شهِدَ ما جرى بين جعفر وبين النجاشي، فأخبر عنه. قال: ولعلَّ الراوي وهَم في قوله: أمرنا رسولُ الله أن ننطلق؛ والله أعلم.

وهكذا رواه البخاري في باب هجرة الحبشة (٦): حدَّثنا محمد بن العلاء، حدَّثنا أبو أسامة، حدَّثنا بُرَيْدُ (٧) بن عبد الله عن أبي بُرْدَة، عن أبي موسى قال: بلَغَنا مَخْرَجُ النبيِّ ونحن باليمن، فركبنا سفينةً، فألقَتْنا سفينتُنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافَقْنا جعفر بن أبي طالب ، فأقمنا معه حتى قدِمْنا، فوافَيْنا (٨) النبيَّ حين افتتح خَيْبَر، فقال النبيُّ : "لكم أنتم أهلَ السفينةِ هجرتان". وهكذا


(١) في ط: خلفك، والمثبت من ح ومن دلائل أبي نعيم.
(٢) في ح: في الملك.
(٣) دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٢٩٩).
(٤) في دلائل البيهقي: عنده.
(٥) في دلائل البيهقي: فآمرهم.
(٦) فتح الباري (٣٨٧٦) مناقب الأنصار باب هجرة الحبشة.
(٧) في ح، ط: يزيد. وهو تصحيف، والمثبت من فتح الباري وترجمته في تهذيب الكمال (٤/ ٥٠).
(٨) كذا في ح، ط وفي فتح الباري: فوافقنا.