للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: كذا (١) ولعله يريد به قيصر، فإنه عَلَمٌ لكلِّ مَنْ ملك الشام مع الجزيرة من بلاد الرُّوم، وكسرى علمٌ على مَنْ ملَكَ الفرس، وفرعون علمٌ لمن ملك مصر كافة (١)، والمقوقس لمن ملك الاسكندريَّة، وتُبَّع لمن مَلَك اليمن والشِّحْر (٢)، والنجاشِي لمن مَلَك الحبشة، وبطليموس لمن مَلَك اليونان وقيل الهند، وخاقان لمن ملَكَ التُرْك.

وقال بعضُ العلماء إنما صُلَّي عليه لأنه كان يكتُم إيمانه من قومه، فلم يكن عنده يوم مات مَنْ يصلِّي عليه، فلهذا صلَّى عليه . قالوا: فالغائب إنْ كان قد صُلِّي عليه ببلده لا تشرع الصلاة عليه ببلدٍ أخرى؟ ولهذا لم يصلَّ على النبيِّ في غير المدينة، لا أهل مكة ولا غيرهم، وهكذا أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة لم يُنقَلْ أنه صُلِّي على أحدٍ منهم في غير البلدة التي صُلِّي عليه فيها فالله أعلم.

قلت: وشهود أبي هريرة الصلاةَ على النجاشي، دليلٌ على أنه إنما مات بعد فتح خَيْبَر (٣) التي قدِم بقيةُ المهاجرين إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب يوم فتح خيبر، ولهذا رُوي أنَّ النبيَّ قال: "والله ما أدري بأيِّهما أنا أسرُّ، بفتح خَيْبَر أمْ بقدُوم جعفر بن أبي طالب" (٤). وقدموا معهم بهدايا وتُحَف من عند النجاشي إلى النبيِّ وصحبتهم أهل السفينة اليمنية أصحاب أبي موسى الأشعري وقومه من الأشعريِّين ، ومع جعفر هدايا النجاشي ابن أخي النجاشي ذو مخبر أو ذو مخمر (٥)، أرسله ليخدُمَ النبيَّ عوضًا عن عمِّه وأرضاهما.

وقال السهيلي (٦): توفي النجاشي قي رجب سنة تسعٍ من الهجرة، وفي هذا نظر. والله أعلم.

وقال البيهقي (٧): أخبرنا الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطّوسي، حدثنا أبو العباس


(١) ليست اللفظة في ح.
(٢) "الشِّحْر": الشّطّ وهو صقع على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن. قال الأصمعي: هو بين عَدَن وعُمان. معجم البلدان (٣/ ٣٢٧).
(٣) كذا في الأصول، ولعل الصواب: في السنة التي.
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٢٤٤) عن أنس بن سالم الخولاني وأحمد بن خالد بن مسرح قالا: حدّثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا مسعر عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، وأخرجه ابن عدي في الكامل في الضعفاء (٥/ ١٨٨٤) عن أحمد بن حفص، حدثنا بكر بن عبد الوهاب حدثنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي ؛ وأخرجه البيهقي في السنن (٧/ ١٠١) النكاح باب ما جاء في قبلة ما بين العينين عن أبي القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي وأبي القاسم عبد الواحد بن محمد بن النجار المقرئ بالكوفة قالا: أنبا أبو جعفر محمد بن علي بن دحم حدثنا إبراهيم بن إسحاق القاضي حدثنا قبيصة عن سفيان عن الأجلح عن الشعبي. مرسلًا. وأخرجه ابن عساكر كما تقدم.
(٥) في ط: ذو نخترا أو ذو مخمرا. والمثبت من ح.
(٦) في الروض (٢/ ٩٤).
(٧) في الدلائل (٢/ ٣٠٧).