للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رواه البخاري (١) عن أبي نعيم، عن سفيان الثوري.

وقال الإمام أحمد (٢) حدَّثنا يزيد، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قدِم الطُّفيل بن عمرو الدُّوْسي وأصحابُه فقالوا: يا رسول الله، إنَّ دَوْسًا قد عَصَتْ وأبَتْ فادْعُ اللهَ عليها. قال أبو هريرة: فرفع رسولُ الله يدَيْه فقلت: هلكَتْ دَوْس. فقال: "اللهمَّ اهْدِ دَوسًا، وأتِ بهم" (٣).

إسناد جيد ولم يخرجوه.

وقال الإمام أحمد (٤): حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حماد بن زيد، عن حجَّاج الصوَّاف، عن أبي الزُّبير، عن جابر، أنَّ الطُّفيل بن عمرو الدَّوْسي أتى النبيَّ فقال: يا رسول الله، هل لك في حصن حصين (٥) ومنعة؟ - قال: حصنٌ كان لدَوْسٍ في الجاهلية - فأبَى ذلك رسولُ الله للذي ذخَر اللهُ للأنصار، فلما هاجرَ النبيُّ إلى المدينة هاجر إليه الطُّفيل بن عمرو، وهاجر معه رجلٌ من قومه، فاجتوَوُا المدينة، فمرض فجزِع، فأخذ مشاقص [له] فقطع بها براجمه فشخبَتْ يداه فما رقأ الدم حتى مات؛ فرآه الطفيل بن عمرو في منامه في هيئةٍ حسنة، ورآه مغطِّيًا يديه، فقال له: ما صنع ربُّك بك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيِّ . قال: فما لي أراك مغطِّيًا يديك؟ قال: قيل لي لن نُصلح (٦) منك ما أفسدت. قال: فقصَّها الطُّفَيل على رسولِ الله ، فقال رسولُ الله : "اللهمَّ وليدَيْه فاغْفِرْ".

رواه مسلم (٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن سليمان بن حرب به.

فإنْ قيل: فما الجمعُ بين هذا الحديث وبين ما ثبت في الصحيحَيْن (٨) من طريق الحسن عن جُندب قال: قال رسول الله : "كان فيمن كانَ قبلكم رجلٌ به جُزح فَجزع، فأخذَ سكِّينا، فجزَّ بها يده فما رَقَأ الدمُ حتى مات، فقال الله ﷿: عبدي بادرني بنفسه، فحرَّمْتُ عليه الجنة".

فالجواب من وجوه: أحدها أنه قد يكون ذلك مشركًا وهذا مؤمن، ويكون قد جعل هذا الصنيع سببًا مستقلًا في دخوله النار وإنْ كان شركُه مستقلًا، إلا أنه نبَّه على هذا لتعتبر أمته.


(١) فتح الباري (٣٤٩٢) المغازي باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي.
(٢) في المسند (٢/ ٥٠٢) رقم (١٠٤٧٤).
(٣) في المسند: وأت بها.
(٤) في المسند (٣/ ٣٧٠) وما سيأتي بين معقوفين منه.
(٥) في المسند: حصينة.
(٦) في ط: يصلح، والمثبت من مسند أحمد وصحيح مسلم.
(٧) في صحيحه (١١٦) (١٨٤) الإيمان باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر.
(٨) فتح الباري (٣٤٦٣) أحاديث الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل - واللفظ له - وصحيح مسلم (١١٣) (١٨٠) و (١٨١) الإيمان باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.