للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا أيُّهذا السائلي أينَ يَمَّمَتْ … فإنَّ لها في أهل يثربَ مَوْعِدا

فإنْ تسألي عني فيا رُبَّ سائلٍ … حَفِي عن الأعشى به حيثُ أصعدا

أجدَّتْ برجلَيْها النَّجاءَ وراجعتْ … يداها خِنافًا ليّنًا غيرَ أحردا (١)

وفيها إذا ما هجَّرَتْ عجرفيَّةٌ … إذا خلتَ حرباءَ الظهيرةِ أصيدا (٢)

وآليتُ لا آوِي لها من كلالةٍ … ولا من حَفى حتى تُلاقي محمَّدا (٣)

متى ما تُناخي عند بابِ ابن هاشمٍ … تُراحي وتلقَيْ من فواضله نَدَى

نبيٌّ يرى ما لا تَرَوْن وذِكرُه … أغارَ لَعمري في البلاد وأنجدَا

له صدقاتٌ ما تُغِبُّ ونائلٌ … فليسَ عَطاءُ اليومِ مانعَهُ غدا

أجِدَّكَ لم تسمعْ وصاةَ محمدٍ … نبي الإلهِ حيثُ أوصى وأَشهدا

إذا أنتَ لم ترحل بزادٍ من التُّقى … ولاقيتَ بعد الموتِ مَن قد تزوَّدا

ندمتَ على أن لا تكونَ كمثلِهِ … فترصدَ للأمر الذي كان أرصدا

فإياكَ والميتاتِ لا تقرَبَنَّها … ولا تأخذنْ سهمًا حديدًا لِتَفْصِدَا

وذا النُصُب المنصوبِ لا تَنْسُكَنَّهُ … ولا تعبدِ الأوثانَ واللهَ فاعْبُدا

ولا تقربَنَّ جارةً كان سِرُّها (٤) … عليكَ حرامًا فانكحَنْ أو تأبَّدَا (٥)

وذا الرحِمِ القُربى فلا تقطعنَّهُ … لعاقبةٍ ولا الأسيرَ المقيَّدا

وسبِّحْ على حينِ العشية والضحى (٦) … ولا تَحَمدِ الشيطانَ واللهَ فاحْمَدا

ولا تَسْخَرَنْ من بائسٍ ذي ضَرارةٍ … ولا تحسبنَّ المالَ للمرءَ مُخْلِدا


(١) في ح: النجاة. وفي ط: النجاد. والمثبت من السيرة والديوان. وخنافًا من خنفت الناقة تخنف بيديها في السير، إذا مالت بهما نشاطًا. ولينًا غير أحرد: أي تفعل ذلك من غير حرد في يديها، أي اعوجاج. الروض (٢/ ١٣٧).
(٢) يكون الجمل عجرفيَّ المشي، وفيه تعجرف وعجرفية وعجرفة: قلة مبالاة لسرعته. القاموس (عجرف). والأصيد المائل العنق؛ ولما كانت الحرباء تدور بوجهها مع الشمس كيفما دارت، كانت في وسط السماء في أول الزوال كالأصيد، وذلك أحرُّما تكون الرمضاء. يصف ناقته بالنشاط وقوة المشي في ذلك الوقت. الروض (٢/ ١٣٧).
(٣) في ح والديوان: حتى تزور محمدا. وآليت لا آوي لها من كلالة ولا من حفى: أي لا أرقُّ لها ولا أرحمها ويروى: ولا من جنى. وهما بمعنى كما في الروض (٢/ ١٣٧).
(٤) في سيرة ابن هشام: ولا تقربن حرة، وفي ح: كان أمرها.
(٥) قوله: فالله فاعبدا، وقف على النون الخفيفة بالألف، وكذلك فانكحن أو تأبدا، ولذلك كتبت في الخط بألف، لأن الوقف عليها بالألف، وقد قيل في مثل هذا، إنه لم يرد النون الخفيفة، وإنما خاطب الواحد بخطاب الاثنين، وزعموا أنه معروف في كلام العرب. الروض (٢/ ١٣٨).
(٦) في السيرة والديوان: العشيات.