للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال أبو نعيم (١): وحدَّثنا سليمان بن أحمد، حدَّثنا الحسن بن العباس الرازي، عن الهيثم بن النعمان (٢)، حدَّثنا إسماعيل بن زياد، عن ابن جُريج، عن عطاء عن ابن عباس، قال: انتهى أهلُ مكة إلى رسولِ الله فقالوا: هل من آيةٍ نعرف بها أنك رسولُ الله؟ فهبط جبرائيل فقال: يا محمد، قل لأهل مكَّةَ أَنْ يحتفلوا هذه الليلة فسَيَرَوْا آيةً إن انتفعوا بها. فأخبرهم رسولُ الله بمقالة جبرائيل فخرجوا [ليلة الشق] (٣)، ليلة أربعَ عشرة، فانشق القمرُ بنصفَيْن، نصفًا على الصَّفَا ونصفًا على المَرْوَة، فنظروا، ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها، ثمَ أعادوا النظر فنظروا، ثمَّ مسحوا أعينهم ثمَّ نظروا، فقالوا: يا محمد ما هذا إلا سحرٌ ذاهب (٤) فأنزل الله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾.

ثمَّ روى (٥) عن الضحاك، عن ابن عباس قال: جاءت أحبارُ اليهود إلى رسولِ الله فقالوا: أرِنا آيةً حتى نؤمن بها. فسأل ربَّهُ فأراهم القمرَ قدِ انشق فصار نصفين (٦) أحدهما على الصَّفَا، والآخر على المَرْوَة، قَدْرَ ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه، ثمَّ غاب. فقالوا: هذا سحرٌ مستمر (٧).

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني (٨): حدَّثنا أحمد بن عمرو البزَّار (٩)، حدَّثنا محمد بن يحيى القُطَعي، حدَّثنا محمد بن بكر، حدَّثنا ابن جُريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابنِ عباس، قال: كَسَفَ القمَرُ على عهد رسولِ الله فقالوا: سحر القمر. فنزلَتْ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: ١ - ٢].

وهذا إسنادٌ جيِّد، وفيه أنه كَسَف تلك الليلة، فلعلَّه حصل له انشقاقٌ في ليلةِ كُسوفه، ولهذا خَفِيَ أمْرُه على كثيرٍ من أهل الأرض، [ولعلَّ ذلك في بعض ليالي الشتاء حيث يكون أكثر الناس في البيوت، أو ستره غَيْمٌ عن كثير من الأرض] (١٠)، ومع هذا قد شوهد ذلك في كثيرٍ من بقاعِ الأرض.

ويقال: إنه أُرِّخ ذلك في بعضِ بلاد الهند، وبُني بناء تلك الليلة وأُرِّخ بليلةِ انشقاق القمر.


(١) ليست هذه الرواية في المطبوع من دلائل النبوة لأبي نعيم، قال بشار: وإسنادها تالف، فإسماعيل بن زياد كذاب.
(٢) في ط: العمان. والمثبت من ح ولم أقف على ترجمة له.
(٣) ليس ما بين المعقوفين في ح.
(٤) في ط: واهب. وفي المطبوع بتحقيق عبد الواحد: راهب، والمثبت من ح.
(٥) يعني أبا نعيم في دلائل النبوة (١/ ٣٦٩).
(٦) في ط: انشق بجزأين. والمثبت من ح.
(٧) في ط: مفترى، والمثبت من ح والدلائل.
(٨) في المعجم الكبير (١١٦٤٢).
(٩) في ح، ط: الرزاز، وهو تصحيف، والمثبت من معجم الطبراني وترجمة البزار في سير أعلام النبلاء (١٣/ ٥٥٤).
(١٠) ما بين المعقوفين مثبت في هامش ح بإشارة لَحَق في المتن.