للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي حازم، عن أبي هريرة قال: لما حضرتْ وفاةُ أبي طالب أتاه رسولُ الله فقال: "يا عماه، قُلْ لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة" فقال: لولا أن تعيِّرَني قريش يقولون ما حمله عليه إلا جَزَع الموت لأقرَرْتُ بها عينَك، ولا أقولُها إلا لأقرَّ بها عينك. فأنزل الله ﷿: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: ٥٦].

وهكذا قال عبد الله بن عباس وابنُ عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلتْ في أبي طالب حين عَرَض عليه رسولُ الله أن يقول لا إله إلا الله فأبى أن يقولها، وقال: هو على مِلَّة الأشياخ. وكان آخر ما قال: هو على ملةِ عبد المطلب.

ويؤكد هذا كلَّه ما قال البخاري (١): حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يحيى، عن سفيان، عن عبد الملك بن عُمير، حدثنا عبد الله بنُ الحارث قال: حدثنا العباسُ بن عبد المطلب أنه قال: قلت للنبيِّ : ما أغنيتَ عن عمِّك، فإنَّهُ كان يَحُوطُكَ ويَغْضَب لك (٢)؟ قال: "هو في ضَحْضَاحٍ من نار، ولولا أنا لكانَ في الدَّرْك الأسفل من النار".

ورواه مسلم في صحيحة (٣) من طرق عن عبد الملك بن عُمير به.

وأخرجاه في الصحيحَيْن (٤)، من حديث اللَّيث، حدثني ابنُ الهادِ عن عبد الله بن خَبَّاب، عن أبي سعيدٍ أنه سمع النبيَّ وذُكر عنده عمُّه فقال: "لعله تنفَعُه شفاعتي يومَ القيامة، فيُجْعَل في ضَحْضاحٍ من النارِ يبلغُ كَعْبَيْه يَغْلي منهُ دماغُه". (لفظ البخاري).

وفي رواية (٥): "يغلي منه أمُّ دِماغِهِ".

وروى مسلم (٦) عن أبي بكر بن أبي شَيْبَة، عن عفَّان، عن حمَّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أبي عثمان، عن ابنِ عباس، أنَّ رسولَ الله قال: "أهْوَنُ أهْلِ النارِ عذابًا أبو طالب، مُنْتَعِلٌ بنعلَيْن (٧) يَغْلِي منهما دماغُه".


= يزيد: الطبري في تفسيره (٢٠/ ٩٢)، وابن حبان (٦٢٧٠)، وابن مندة في الإيمان (٣٨) و (٣٩)، والواحدي في أسباب النزول (٢٢٨) إضافة إلى من ذكروا في الهامش السابق. (بشار).
(١) فتح الباري (٣٨٨٣) مناقب الأنصار باب قصة أبي طالب.
(٢) في هامش ح: لغضبك. وسقطت: لك من المتن.
(٣) صحيح مسلم (٢٠٩) (٣٥٧) الإيمان باب شفاعة النبي لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه.
(٤) فتح الباري (٣٨٨٥) مناقب الأنصار باب قصة أبي طالب، وصحيح مسلم (٢١٠) (٣٦٠) الإيمان باب شفاعة النبي لأبي طالب والتخفيف عنه.
(٥) هي رواية البخاري، فتح (٦٥٦٤) الرقاق باب صفة الجنة والنار.
(٦) في صحيحه (٢١٢) (٣٦٢) الإيمان باب أهون أهل النار عذابًا.
(٧) زادت ط: من نار. وليست هذه الزيادة في ح ولا في صحيح مسلم. أقول: وإنما هي عند أحمد (٣/ ٧٨) رقم (١١٦٧٨) وهي زيادة صحيحة.