للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما لم يكونوا يَصِلُون إليه ولا يقدرون عليه. كما قد رواه البيهقي (١) عن الحاكم، عن الأصم، حدَّثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني (٢)، حدَّثنا يوسف بن بهلول، حدَّثنا عبد الله بن إدريس، حدَّثنا محمد بن إسحاق عمن حدثه، عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن جعفر قال: لما مات أبو طالب عرض لرسول الله سفيهٌ من سُفَهاء قريش، فألقَى عليه ترابًا، فرجع إلى بيته، فأتتِ امرأةٌ من بناته، تمسَحُ عن وجهه التراب وتبكي، فجعل يقول: "أيْ بُنَيَّة لا تبكين (٣)، فإنَّ الله مانعٌ أباك" ويقول ما بين ذلك: "ما نالتْ قريشٌ شيئًا أكْرَهُه حتى مات أبو طالب" (٤).

وقد رواه زياد البكَّائي عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا. والله أعلم.

وروى البيهقي (٥) أيضًا عن الحاكم وغير (٦)، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنَّ رسول الله قال: "ما زالتْ قريشٌ كاعِّين (٧) حتى مات أبو طالب".

ثم رواه (٨) عن الحاكم، عن الأصم، عن عباس الدُّوري، عن يحيى بن مَعِين، حدَّثنا عقبة المجدَّر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبيِّ قال: "ما زالتْ قريشٌ كاعَّةً حتى توفي أبو طالب".

وقد روى الحافظ أبو الفرج بن الجوزي بسند (٩) عن ثعلبة بن صُعَير، وحَكيم بن حِزام أنهما قالا: لما تُوفِّي أبو طالب وخديجة - وكان بينهما خمسة أيام (١٠) - اجتمع على رسول الله مصيبتان، ولزم بيته، وأقلَّ الخروج، ونالتْ منه قريشٌ ما لم تَكُنْ تنال ولا تطمع فيه، فبلغ ذلك أبا لهب، فجاءه فقال:


(١) في دلائل النبوة (٢/ ٣٥٠).
(٢) في ح، ط: الصنعاني. تصحيف، والمثبت من الدلائل وترجمه في تذكرة الحفاظ (٥٩٨) وفيه: الصاغاني.
(٣) كذا في ح، ط والدلائل.
(٤) زادت ط هنا ما نصه: ثم شرعوا. وهو زيادة من الناسخ لا وجود لها في الدلائل، ولا في ح.
(٥) في الدلائل (٢/ ٣٤٩) وهو حديث حسن يشهد له الذي بعده بطرقه.
(٦) هو أبو سعيد بن أبي عمرو شيخ البيهقي كما في الدلائل.
(٧) في النهاية لابن الأثير: ما زالت قريش كاعَّة. الكاعَّة: جمع كاعّ، وهو الجبان، يقال: كعَّ الرجل عن الشيء ويكعُّ كعًّا فهو كاعّ، إذا جبن عنه وأحجم، أراد أنهم كانوا يجبنون عن أذى النبي في حياة أبي طالب، فلما مات اجترؤوا عليه.
(٨) في دلائل البيهقي (٢/ ٣٤٩، ٣٥٠) ورواه الطبراني في الأوسط رقم (٥٩٨) والحاكم في المستدرك (٢/ ٦٢٢) وهو حديث حسن بطرقه.
(٩) لعله في كتابه المختار من أخبار المختار (مخطوط) وقد أورده في الوفا بأحوال المصطفى (١/ ٢١٠) من غير إسناد، وفيه "صقير" وهو تصحيف.
(١٠) في الوفا: وكان بينهما شهر وخمسة أيام.