للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طُوَى (١) أُصَعِّد بها فيه وأُصَوِّب أخرى ولا أفهمها حتى قلت: اللهم فهِّمْنيها، فألقى اللَّه في قلبي أنها إنما أُنزلت فينا وفيما كنَّا نقولُ في أنفسنا، ويقال فينا. قال: فرجعتُ إلى بعيري فجلستُ عليه فلحقتُ برسولِ اللَّه بالمدينة.

وذكر ابنُ هشام (٢) أنَّ الذي قدم بهشام بن العاص، وعياش بن أبي ربيعة إلى المدينة؛ الوليد بن الوليد بن المغيرة، سرقهما من مكة وقدِم بهما يحملهما على بعيره وهو ماشٍ معهما، فعثر فدميَتْ أصبعُه فقال: [من الرجز]

هل أنتِ إلا أصبعٌ دَميتِ … وفي سبيلِ اللَّه ما لَقِيتِ

وقال البخاري (٣): حدَّثنا أبو الوليد، حدَّنا شعبة، أنبأنا أبو إسحاق، سمع البراء قال: أوَّلُ مَنْ قدم علينا مصعبُ بن عُمير وابنُ أمِّ مكتوم، ثم قدم علينا عمَّار وبلال.

وحدَّثني محمد بن بشَّار، حدَّثنا غُنْدَر، حدَّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعتُ البراء بن عازِب قال: أولُ مَنْ قدِم علينا مصعبُ بن عمير وابنُ أُمِّ مَكْتُوم، وكانا يقرئانِ الناسَ، فقدِمَ بلالٌ وسعدٌ وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين نَفَرًا من أصحاب النبيِّ ، ثم قدم النبيُّ فما رأيتُ أهلَ المدينة فرحوا بشيءٍ فرحَهم برسولِ اللَّه حتى جعل الإماءُ يقلن: قدم رسولُ اللَّه . فما قدم حتى قرأت: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ في سورٍ من المفصَّل.

ورواهُ مسلم في "صحيحه" (٤) من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب بنحوه وفيه التصريح بأنَّ سعد بن أبي وقاص هاجر قبل قدوم رسولِ اللَّه المدينة.

وقد زعم موسى بن عقبة، عن الزهري، أنه إنما هاجر بعد رسولِ اللَّه والصواب ما تقدَّم.

قال ابن إسحاق (٥): ولما قدم عمر بن الخطاب المدينة هو ومن لحق به من أهله وقومه وأخوه زيد بن الخطاب وعمرو وعبد اللَّه ابنا سراقة بن المعتمر، وخُنيس بن حُذَافة السهمي زوج ابنته حفصة، وابن عمه سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وواقد بن عبد اللَّه التميمي حليفٌ لهم، وخَوْليُّ بن أبي خَوْليّ، ومالك بن أبي خَوْلي حليفانِ لهم من بني عِجْل، وبنو البُكير إياس وخالد وعاقل وعامر وحلفاؤهم من بني


(١) ذو طُوَى: موضع عند مكة. معجم البلدان (٤/ ٤٥).
(٢) في السيرة (١/ ٤٧٦).
(٣) في صحيحه فتح (٣٩٢٤) مناقب الأنصار باب مقدم النبي وأصحابه المدينة.
(٤) كذا، ولم أجده في صحيح مسلم ولا ذكره المزي في تحفة الأشراف في حديث إسرائيل عن أبي إسحاق، فهو وهم بلا ريب. والرواية التي فيها التصريح بأن سعد بن أبي وقاص هاجر قبل قدوم الرسول ساقها أحمد في مسنده (٤/ ٢٨٤) عن عفان حدثنا شعبة عن أبي إسحاق به. ورواه أيضًا في (٤/ ٢٩١) عن محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق به.
(٥) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٧٦) والروض (٢/ ٢٢٠).