للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمكة عالٍ بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرَوْن من يقول وهو يقول: [من الطويل]

جزى اللَّه ربُّ الناسِ خيرَ جزائِهِ … رفيقَيْنِ حلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ

هما نَزَلا بالبرِّ وارتحلا به (١) … فافلح مَنْ أمسى رفيقَ محمدِ

فيالَ قصي ما زَوَى اللَّهُ عنكمُ … به من فَعالٍ لا تُجارَى وسُؤْدُدِ

سلوا أختكم عن شاتِها وإنائها … فإنَّكم إنْ تسالوا الشاةَ تَشْهَدِ

دعاها بشاةٍ حائل فتحلَّبتْ … له بصريحٍ ضرّةُ الشاةِ مُزْبِدِ (٢)

فغادره رهنًا لديها لحالبٍ … يدرُّ لها في مصدرٍ ثم مَوْرِدِ (٣)

قال وأصبح الناس -يعني بمكة- وقد فقدوا نبيَّهم، فأخذوا على خيمتَيْ أمِّ معبد حتى لحقوا برسولِ اللَّه .

قال وأجابه حسان بن ثابت: [من الطويل]

لقد خابَ قومٌ زال عنهم نبيُّهم … وقد سُرَّ مَنْ يَسْرِي إليهم ويَغْتدي (٤)

ترحّلَ عن قوم فزالتْ عقولُهم … وحلَّ على قوم بنورٍ مجدَّدِ

[هداهم به بعد الضلالة ربُّهم … وأرشدَهم من يتْبَعِ الحقَّ يرشُدِ] (٥)

وهل يستوي ضُلَّالُ قومٍ تسفَّهوا … عَمًى وهداةٌ يهتدون بمهتدِ

نبيُّ يَرَى ما لا يرى الناسُ حَوْلَهُ … ويتلو كتابَ اللَّه في كلِّ مَشْهدِ

وإنْ قال في يومٍ مقالةَ غائبٍ … فتصديقُها في اليوم أو في ضُحى الغدِ

ليهنِ أبا بكرٍ سعادةُ جدِّه … بصُحْبته، من يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ

ويَهْنِ بني كعبِ مكانُ فتاتِهم … ومقعدُها للمسلمينَ بمَرْصَدِ

قال -يعني عبد الملك بن وَهْب-: فبلغني أنَّ أبا معبد أسلم وهاجر إلى النبيِّ .

وهكذا رواه الحافظُ أبو نعيم (٦) من طريق عبد الملك بن وهب المَذْحِجِيّ فذكر مثله سواء وزاد في آخره قال عبد الملك: بلغني أنَّ أمَّ معبد هاجرتْ وأسلمت ولحقت برسولِ اللَّه .


(١) في الفائق ودلائل أبي نعيم: هما نزلاها بالهدى واهتدت بهم.
(٢) في ح: لديه بضرع ضرة الشاة مُزْبِدِ.
(٣) في الفائق ودلائل أبي نعيم: يرددها في مصدر ثم مورد.
(٤) ويروى: غاب عنهم نبيهم وقُدّس من يسري. ديوان حسان (١/ ٤٦٤) ودلائل أبي نعيم (٢/ ٤٣٩).
(٥) سقط هذا البيت من ح، ط فأثبتُّه من مصادر الخبر.
(٦) ليست هذه الرواية فيما طبع من دلائل النبوة؛ غير أنَّ ما ذكره من قول عبد الملك مثبت في الدلائل (٢/ ٤٣٩).