للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن هشام، عن أبي عمرو (١) بن العلاء، عن أبي عمرو المدنيّ أنّه قال: كان عليهم مكرز بن حَفْصٍ.

قلت: وقد تقدّم عن حكاية الواقديّ قولان؛ أحدهما أنه مكرز، والثاني أنه أبو سفيان صخر بن حرب، وأنه رجّح أنه أبو سفيان، فاللَّه أعلم.

ثم ذكر ابن إسحاق (٢) القصيدة المنسوبة إلى أبي بكر الصديق في هذه السّريّة التي أولها: [من الطويل]

أمن طيف سلمى بالبطاح الدّمائث … أرقتَ وأمرٍ في العشيرة حادثِ

ترى من لؤيّ فرقة لا يصدّها … عن الكفر تذكير ولا بعثُ باعثِ

رسولٌ أتاهم صادق فتكذّبوا … عليه وقالوا لستَ فينا بماكثِ

إذا ما دعوناهم إلى الحقّ أدبروا … وهرّوا هريرَ المُجْحَرات اللواهثِ

القصيدة إلى آخرها.

وذكر (٣) جواب عبد اللَّه بن الزِّبعرى في مناقضتها التي أولها: [من الطويل]

أمن رسم دار أقفرت بالعثاعث … بكيتَ بعين دمعها غير لابثِ

ومن عجب الأيام والدَّهر كلّه … له عجب من سابقات وحادث

لجيش أتانا ذي عرام يقوده … عبيدة يدعى في الهياج ابن حارث

لنترك أصناما بمكّة عكّفًا … مواريث موروث كريم لوارث

وذكر تمام القصيدة، وما منعنا من إيرادها بتمامها إلا أنّ الإمام عبد الملك بن هشام، -وكان إمامًا في اللغة- ذكر أن أكثر أهل العلم بالشعر ينكر هاتين القصيدتين.

قال ابن إسحاق (٤): وقال سعد بن أبي وقّاص في رميته تلك فيما يذكرون: [من الوافر]

ألا هل أتى رسول اللَّه أنّي … حميتُ صحابتي بصدور نبلي

أذود بها أوائلهم ذيادًا … بكلّ حزونة وبكلّ سهلِ

فما يعتدّ رام في عدوٍّ … بسهم يا رسول اللَّه قبلي

وذلك أنّ دينك دين صدق … وذو حقّ أتيتَ به وفضلِ

ينجّى المؤمنون به ويخزى … به الكُفَّار عند مقام مهلِ

فمهلًا قد غويتَ فلا تعبني … غويَّ الحيّ ويحك يابن جهلِ


(١) كذا في (أ) و (ط) وفي "السيرة النبوية" (١/ ٢٣): "ابن أبي عمرو".
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٩٢ - ٥٩٣).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٩٣ - ٥٩٤).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٩٤ - ٥٩٥).