للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسرائيل، عن مخارقٍ، عن طارق بن شهابٍ قال: سمعت ابن مسعودٍ يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه، أحبّ إليّ ممّا عدل به؛ أتى النبيّ وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك، وبين يديك وخلفك، فرأيت النبيّ أشرق وجهه وسرّه، انفرد به البخاريّ دون مسلمٍ، فرواه في مواضع من "صحيحه"، من حديث مخارقٍ به (١). ورواه النّسائيّ (٢) من حديثه، وعنده: جاء المقداد يوم بدرٍ على فرسٍ. . . فذكره.

وقال الإمام أحمد (٣): حدّثنا عبيدة، هو ابن حميدٍ، عن حميدٍ الطويل، عن أنسٍ قال: استشار النبيّ مخرجه إلى بدرٍ، فأشار عليه أبو بكرٍ، ثم استشارهم فأشار عليه عمر، ثم استشارهم، فقال بعض الأنصار: إيّاكم يريد رسول اللَّه يا معشر الأنصار. فقال بعض الأنصار: يا رسول اللَّه (٤)، إذًا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون، ولكن والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برْك الغُماد لاتبعناك، وهذا الإسناد ثلاثيٌّ صحيح على شرط الصحيح.

وقال أحمد أيضًا (٥): حدّثنا عفان، ثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللَّه شاور حيث بلغه إقبال أبي سفيان. قال: فتكلّم أبو بكرٍ فأعرض عنه، ثم تكلّم عمر فأعرض عنه، فقال سعد بن عبادة: إيّانا يريد رسول اللَّه ، والّذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بِرك الغماد لفعلنا. فندب رسول اللَّه الناس. قال: فانطلقوا حتى نزلوا بدرًا، ووردت عليهم روايا (٦) قريشٍ، وفيهم غلامٌ أسود لبني الحجّاج فأخذوه، وكان أصحاب رسول اللَّه يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه، فيقول: ما لي علمٌ بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل بن هشامٍ، وعتبة بن ربيعة، [وشيبة]، وأميّة بن خلفٍ. فإذا قال ذلك ضربوه، فإذا ضربوه، قال: نعم، أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه قال: ما لي بأبي سفيان علمٌ، ولكن هذا أبو جهلٍ وعتبة وشيبة وأُميّة [في الناس] (٧) فإذا قال هذا أيضًا ضربوه، ورسول اللَّه قائمٌ يصلي، فلمّا رأى ذلك انصرف فقال: "والذي نفسي بيده إنّكم لتضربونه إذا صدقكم، وتتركونه إذا كذبكم. قال: وقال


(١) رواه البخاري (٤٦٠٩).
(٢) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (١١١٤٠).
(٣) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ١٨٨).
(٤) كذا في (أ) و (ط) وفي "المسند": "فقال قائل الأنصار: تستشيرنا يا نبي اللَّه؟ ".
(٥) رواه أحمد في المسند (٣/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٦) الروايا: جمع راوِيَة، والراوية: البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه الماء. انظر "لسان العرب" (روي).
(٧) ما بين الحاصرتين مستدرك من "مسند الإمام أحمد".