للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عتبة بن ربيعة: هل لك أن ترجع اليوم [عن ابن عمّك] (١) بمن معك؟ قال: أما وجد رسولًا غيرك؟ قلت: لا، ولم أكن لأكون رسولًا لغيره. قال حكيم: فخرجت مبادرًا إلى عتبة لئلّا يفوتني من الخبر شيءٌ، وعتبة متّكئٌ على إيماء بن رحضة الغفاريّ، وقد أهدى إلى المشركين عشر جزائر، فطلع أبو جهل والشّرّ في وجهه، فقال لعتبة: انتفخ سحرك؟ فقال له عتبة: ستعلم. فسلّ أبو جهلٍ سيفه، فضرب به متن فرسه. فقال إيماء بن رحضة: بئس الفأل هذا. فعند ذلك قامت الحرب.

وقد صفّ رسول اللَّه أصحابه وعبّأهم أحسن تعبئةٍ، فروى التّرمذيّ (٢)، عن عبد الرحمن بن عوفٍ قال: صفّنا رسول اللَّه يوم بدرٍ ليلًا.

وروى الإمام أحمد (٣)، من حديث ابن لهيعة: حدّثني يزيد بن أبي حبيبٍ، أنّ أسلم أبا عمران حدّثه، أنّه سمع أبا أيوب يقول: صَفَفنا يوم بدرٍ، فبدرت منّا بادرةٌ أمام الصفّ، فنظر إليهم النبيّ فقال: "معي معي" تفرّد به أحمد. وهذا إسنادٌ حسنٌ.

وقال ابن إسحاق (٤): وحدّثني حَبّان بن واسع بن حبّان، عن أشياخٍ من قومه، أنّ رسول اللَّه عدّل صفوف أصحابه يوم بدرٍ، وفي يده قدحٌ (٥) يعدّل به القوم، فمرّ بسواد بن غزيّة حليف بني عديِّ بن النّجّار، وهو مستنتلُ (٦) من الصفّ، فطعن في بطنه بالقدح وقال: "استوِ يا سواد". فقال: يا رسول اللَّه، أوجعتني، وقد بعثك اللَّه بالحقّ والعدل، فأقدني. فكشف رسول اللَّه عن بطنه، فقال: "استقد". قال: فاعتنقه فقبّل بطنه، فقال: "ما حملك على هذا يا سواد؟ ". قال: يا رسول اللَّه، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك، أن يمسّ جلدي جلدك. فدعا له رسول اللَّه بخيرٍ وقالة (٧).

قال ابن إسحاق (٨): وحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة، أنّ عوف بن الحارث، وهو ابن عفراء، قال: يا رسول اللَّه، ما يضحك الربّ من عبده؟ قال: "غمسه يده في العدوّ حاسرًا". فنزع درعًا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه، فقاتل حتى قتل، .


(١) زيادة من "تاريخ الطبري".
(٢) رواه الترمذي (١٦٧٧) وإسناده ضعيف.
(٣) رواه أحمد في "المسند" (٥/ ٤٢٠) والراوي عن ابن لهيعة هو عبد اللَّه بن المبارك، ولذلك حسَّنه المصنف.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٢٦) و"تاريخ الطبري" (٢/ ٤٤٦) وفي سنده جهالة.
(٥) القِدْح: السهم.
(٦) أي: متقدِّم.
(٧) في "السيرة النبوية" لابن هشام: "وقاله له".
(٨) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٢٧ - ٦٢٨).