للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال (١): أمر رسول اللَّه أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم، وقال: "إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنّبل".

وفي "صحيح البخاريّ" (٢)، عن أبي أسيدٍ قال: قال لنا رسول اللَّه يوم بدرٍ: "إذا أكثبوكم -يعني المشركين- فارموهم واستبقوا نبلكم".

وقال البيهقيّ (٣): أخبرنا الحاكم، أخبرنا الأصمّ، حدَّثنا أحمد بن عبد الجبَّار، عن يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، حدّثني [عمر بن] عبد اللَّه [بن عروة بن عروة] بن الزّبير، قال: جعل رسول اللَّه شعار المهاجرين يوم بدرٍ: يا بني عبد الرحمن. وشعار الخزرج: يا بني عبد اللَّه. وشعار الأوس: يا بني عبيد اللَّه. وسمّى خيله: خيل اللَّه.

قال ابن هشام (٤): كان شعار الصحابة يوم بدرٍ: أحدٌ أَحدٌ.

قال ابن إسحاق (٥): ورسول اللَّه في العريش، معه أبو بكرٍ، ، يعني وهو يستغيث اللَّه، ﷿، كما قال اللَّه تعالى (٦): ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: ٩ - ١٠].

قال الإمام أحمد (٧): حدّثنا أبو نوحٍ قرادٌ، ثنا عكرمة بن عمّارٍ، ثنا سماكٌ الحنفى أبو زُميلٍ، حدّثني ابن عباسٍ، حدّثني عمر بن الخطاب، قال: لمّا كان يوم بدرٍ، نظر رسول اللَّه إلى أصحابه وهم ثلاثمئةٍ ونيّفٌ، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألفٌ وزيادةٌ، فاستقبل النبيّ القبلة وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: "اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، فلا تعبد بعد في الأرض أبدًا".

قال: فما زال يستغيث ربّه ويدعوه، حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكرٍ فأخذ رداءَه فردّه، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا رسول اللَّه، كفاك مناشدتك ربّك، فإنّه سينجز لك ما وعدك. فأنزل اللَّه: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ وذكر تمام الحديث كما سيأتي.


(١) أي ابن إسحاق. انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٢٥ - ٦٢٦).
(٢) رواه البخاري (٣٩٨٤).
(٣) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٧٠).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٣٤).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٢٦ - ٦٢٧).
(٦) انظر "تفسير ابن كثير" (٣/ ٥٥٨ - ٥٦٢).
(٧) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٣٠) وهو حديث حسن.