للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما يذكره كثيرٌ من المفسرين (١) في قصة هاروت وماروت من أن الزهرة كانت امرأة فراودَاها على نفسها، فأبتْ إلا أن يعلِّماها الاسم الأعظم، فعلَّماها، فقالتْه، فرُفعتْ (٢) كوكبًا إلى السماء، فهذا أظنُّه من وضع الإسرائيليِّين، وإن كان قد أخرجَه كعبُ الأحبار، وتلقَّاه عنه طائفةٌ من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية والتَّحديث عن بني إسرائيل.

وفد روى الإمام أحمد (٣)، وابن حبَّان في "صحيحه" (٤): في ذلك حديثًا، رواه أحمد عن يحيى بن أبي بُكير، عن زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ، وذكرَ القِصَّةَ بطولها. وفيه: "فمثِّلَتْ لهما الزهرةُ امرأةً من أحسن البشر، فجاءَتْهما، فسألاها نفسها. . " وذكرَ القصة (٥).

وقد رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٦) عن الثوري، عن موسى بن عُقْبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، به. وهذا أصحُّ وأثبتُ.

وقد روى الحاكم في "مستدركه"، وابن أبي حاتم في "تفسيره": عن ابن عباس. . فذكرَه، وقال فيه: وفي ذلك الزمان امرأة حسنُها في النساء كحُسْن الزهرة في سائر الكواكب. . وذكرَ تمامه (٧). وهذا أحسنُ لفظٍ روي في هذه القصة، واللَّه أعلم.

وهكذا الحديثُ الذي رواه الحافظ أبو بكر البزَّار: حدَّثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، حدَّثنا يزيد ابن هارون، حدَّثنا مبشر بن عُبيد، عن يزيد بن أسلم، عن ابن عمر، عن النبي (ح) وحدَّثنا عمرو ابن عيسى حدَّثنا عبد الأعلى، حدثنا إبراهيمُ بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر: أنَّ رسولَ اللَّه ذكرَ سُهيلًا فقال: "كان عشَارًا ظلوما، فمسَخه اللَّه شهابًا" (٨) ثم قال: لم يروه عن يزيد بن أسلم إلا


(١) انظر تفسير الطبري (١/ ٣٦٢ - ٣٦٤).
(٢) في ب: فرجعتْ كوكبًا في السماء.
(٣) في المسند (٢/ ١٣٤).
(٤) ابن حبان (٦١٨٦).
(٥) إسناده ضعيف ومتنه باطل، وهو من قصص كعب الأحبار المنقولة عن كتب يهود.
(٦) تفسير عبد الرزاق (١/ ٥٣) ورواه الطبري (١/ ٥٠١ - ٥٠٢) وابن كثير في التفسير (١/ ١٧٤) وقال: فهذا أصح وأثبت إلى عبد اللَّه بن عمر، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار، عن كتب بني إسرائيل.
(٧) المستدرك (٤/ ٦٠٧ - ٦٠٨) وصححه، وتعقبه الذهبي فقال: وتركُ حديث يحيى من المحالات التي يردُّها العقل، قال النسائي: متروك. وقال أبو حاتم: منكر الحديث.
(٨) كما في كشف الأستار (٩٠٣) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٨٨): رواه البزار وضعَّفه، لأن في روايته إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك، وفي الأخرى مُبَشِّر بن عُبيد، وهو متروك أيضًا.