للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللَّه بالبشارة، قال أسامة: فسمعت الهيعة، فخرجت فإذا زيدٌ قد جاء بالبشارة، فواللَّه ما صدّقت حتى رأينا الأسارى، وضرب رسول اللَّه لعثمان بسهمه.

وقال الواقديّ (١): صلّى رسول اللَّه مرجعه من بدرٍ العصر بالأثيل، فلمّا صلّى ركعةً تَبَسَّمَ، فسئل عن تبسّمه، فقال: "يُرى (٢) ميكائيل وعلى جناحه النّقع، فتبسّم إليّ، وقال: إنّي كنت في طلب القوم. وأتاه جبريل حين فرغ من قتال أهل بدرٍ، على فرسٍ أنثى معقود الناصية، قد عصم ثنيّته (٣) الغبار، فقال: يا محمد، إنّ ربي بعثني إليك، وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى، هل رضيت؟ قال: "نعم".

قال الواقدي (٤): قالوا: وقدّم رسول اللَّه زيد بن حارثة وعبد اللَّه بن رواحة من الأُثيل، فجاءا يوم الأحد حين اشتدّ الضّحى، وفارق عبد اللَّه بن رواحة زيد بن حارثة من العقيق، فجعل عبد اللَّه بن رواحة ينادي على راحلته: يا معشر الأنصار، أبشروا بسلامة رسول اللَّه وقتل المشركين وأسرهم، قتل ابنا ربيعة، وابنا الحجّاج، وأبو جهلٍ، وقتل زمعة بن الأسود، وأميّة بن خلفٍ، وأسر سهيل بن عمروٍ. قال عاصم بن عديٍّ: فقمت إليه، فنحوته (٥)، فقلت: أحقًّا يا بن رواحة؟ فقال: إي واللَّه، وغدًا يقدم رسول اللَّه بالأسرى مقرّنين. ثم تتبّع دور الأنصار بالعالية يبشّرهم دارًا دارًا، والصّبيان يشتدّون (٦) معه يقولون: قتل أبو جهلٍ الفاسق. حتى إذا انتهى إلى دار بني أميّة، وقدم زيد بن حارثة على ناقة رسول اللَّه القصواء، يبشّر أهل المدينة، فلمّا جاء المصلّى صاح على راحلته: قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وابنا الحجّاج، وقتل أميّة بن خلفٍ، وأبو جهلٍ، وأبو البختريّ، وزمعة بن الأسود، وأسر سهيل بن عمروٍ ذو الأنياب، في أسرى كثييرٍ. فجعل بعض الناس لا يصدّقون زيدًا، ويقولون: ما جاء زيد بن حارثة إلا فلًّا (٧)، حتى غاظ المسلمين ذلك وخافوا، وقدم زيدٌ حين سوّينا على رقيّة بنت رسول اللَّه التّراب (٨) بالبقيع، وقال رجلٌ من المنافقين لأسامة: قتل صاحبكم ومن معه. وقال آخر لأبي لبابة: قد تفرّق أصحابكم تفرّقًا لا يجتمعون فيه أبدًا، وقد قتل علية أصحابه، وقتل (٩) محمدٌ، وهذه ناقته نعرفها، وهذا زيدٌ لا يدري ما يقول من الرّعب، وجاء فَلًّا. فقال أبو لبابة: يكذّب اللَّه


(١) انظر "المغازي" (١/ ١١٣).
(٢) في "المغازي" و"دلائل النبوة": "مرَّبي".
(٣) في (ط): "ثنييه".
(٤) انظر "المغازي" (١/ ١١٤).
(٥) أي: قصدته.
(٦) في (ط): "ينشدون".
(٧) الفل: المنهزم.
(٨) لفظ "التراب" من (ط).
(٩) في (ط): "قتل" بلا واو.