للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منّي إليك وعبرةً مسفوحةً … جادت بوابلها وأخرى تخنقُ (١)

هل يسمعنّ النّضر إن ناديته … أم كيف يسمع ميّتٌ لا ينطقُ

أَمحمدٌ يا خير ضنءِ (٢) كريمةٍ … من قومها والفحل فحلٌ معرقُ

ما كان ضرّك لو مننت وربّما … منّ الفتى وهو المغيظ المحنقُ

أو كنت قابل فديةٍ فلينفقن … بأعزّ ما يغلو به ما ينفقُ

والنّضر أقرب من أسرت قرابةً … وأحقّهم إن كان عتقٌ يعتقُ

ظلّت سيوف بني أبيه تنوشه … للَّه أرحامٌ هنالك تشققُ

صبرًا يقاد إلى المنيّة متعبًا … رسف المقيّد وهو عانٍ موثق

قال ابن هشامٍ (٣): ويقال، واللَّه أعلم: إنّ رسول اللَّه لمّا بلغه هذا الشّعر قال: "لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه".

قال ابن إسحاق (٤): وقد تلقّى رسولَ اللَّه بهذا الموضع أبو هندٍ مولى فروة بن عمرو البياضيّ حجّامه، ، ومعه زقّ خمرٍ مملوءٌ حيسًا -وهو التَّمر والسّويق بالسّمن- هديةً لرسول اللَّه فقبله منه، ووصّى به الأنصار.

قال ابن إسحاق (٥): ثم مضى رسول اللَّه حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيومٍ.

قال ابن إسحاق (٦): وحدّثني نبيه بن وهب أخو بني عبد الدَّار أنّ رسول اللَّه حين أقبل بالأسارى فرّقهم بين أصحابه، وقال: "استوصوا بهم خيرًا". قال: وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشمٍ أخو مصعب بن عميرٍ لأبيه وأمّه، في الأسارى، قال أبو عزيزٍ: مرّ بي أخي مصعب بن عميرٍ ورجلٌ من الأنصار يأسرني، فقال: شدّ يديك به؛ فإنّ أمّه ذات متاعٍ لعلّها تفديه منك. قال أبو عزيزٍ: فكنت في رهطٍ من الأنصار حين أقبلوا بي من بدرٍ، فكانوا إذا قدّموا غداءهم وعشاءهم خصّوني بالخبز وأكلوا التَّمر؛ لوصية رسول اللَّه إياهم بنا، ما تقع في يد رجلٍ منهم كسرة خبزٍ إلا نفحني بها، فأستحيي فأردّها فَيَرُدُّها عليّ ما يمسّها.

قال ابن هشامٍ (٧): وكان أبو عزيزٍ هذا صاحب لواء المشركين ببدرٍ بعد النّضر بن الحارث، ولمّا قال


(١) هذا البيت لم يرد في "السيرة النبوية" لابن هشام التي بين يدي، فليستدرك.
(٢) في (ط): "ضي". والضنء من كل شيء: نَسْلُهُ.
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٣).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٤٤).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٤٤).
(٦) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٤٥).
(٧) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٤٦).