للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما كان صيفيٌّ ليوفي أمانة (١) … قفا ثعلبِ أعيا ببعض الموارد

قال ابن إسحاق (٢): وأبو عزّة عمرو بن عبد اللَّه بن عثمان بن أُهيب بن حذافة بن جمح، كان محتاجًا ذا بناتٍ، قال: يا رسول اللَّه، لقد عرفت ما لي من مالٍ، وإنّي لذو حاجةٍ وذو عيالٍ؛ فامنن عليّ. فمنّ عليه رسول اللَّه ، وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحدًا، فقال أبو عزّة يمدح رسول اللَّه على ذلك: [من الطويل]

مَن مبلغٌ عني الرسول محمدًا … بأنّك حقٌّ والمليك حميد

وأنت امرؤٌ تدعو إلى الحقّ والهدى … عليك من اللَّه العظيم شهيد

وأنت امرؤٌ بوّئت فينا مباءةٌ … لها درجاتٌ سهلةٌ وصعود

فإنّك من حاربته لمحاربٌ … شقيٌّ ومن سالمته لسعيد

ولكن إذا ذُكّرتْ بدرًا وأهله … تَأَوَّبَ (٣) ما بي حسرةٌ وقعود

قلت: ثم إنّ أبا عزّة هذا نقض ما كان عاهد الرسول عليه، ولعب المشركون بعقله، فرجع إليهم، فلمّا كان يوم أحدٍ أسر أيضًا، فسأل من النبيّ أن يمنّ عليه أيضًا، فقال النبيّ : "لا أدعك تمسح عارضيك وتقول: خدعت محمدًا مَرَّتَيْنِ". ثم أمر به، فضربت عنقه (٤)، كما سيأتي في غزوة أحدٍ.

ويقال: إنّ فيه قال رسول اللَّه : "لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرّتين" (٥).

وهذا من الأمثال التي لم تسمع إلّا منه، .

قال ابن إسحاق (٦): وحدّثني محمد بن جعفر بن الزّبير، عن عروة بن الزّبير قال: جلس عمير بن وهبٍ الجمحيّ مع صفوان بن أميّة في الحجر، بعد مصاب أهل بدرٍ بيسيرٍ، وكان عمير بن وهبٍ شيطانًا من شياطين قريشٍ، وممن كان يؤذي رسول اللَّه وأصحابه، ويلقَون منه عنَاءً وهو بمكة، وكان ابنه وهب بن عميرٍ في أسارى بدرٍ.

قال ابن هشامٍ (٧): وكان الذي أسره رفاعة بن رافعٍ، أحد بني زريقٍ.

قال ابن إسحاق (٨): فحدّثني محمد بن جعفرٍ، عن عروة قال، فذكر أصحاب القليب ومصابهم،


(١) في "الديوان": "بذمة".
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦٠).
(٣) من الأوب وهو الرجوع.
(٤) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٢٨٠ - ٢٨١).
(٥) رواه "البخاري" (٦١٣٣) و"مسلم" (٢٩٩٨)، والحديث ليس خاصًا بأبي عزَّة.
(٦) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦١).
(٧) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦١).
(٨) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٦٦١ - ٦٦٣).