للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركناهمُ للعاويات (١) ينبنهم … ويصلون نارًا بعد حامية القعر

لعمرك ما حامت فوارس مالكٍ … وأشياعهم يوم التقينا على بدر

وقال عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، في يوم بدرٍ، وفي قطع رجله في مبارزته هو وحمزة وعليٍّ مع عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، وأنكرها ابن هشامٍ: [من الطويل]

ستبلغ عنّا أهل مكة وقعةٌ … يهبّ لها من كان عن ذاك نائيا

بعتبة إذ ولّى وشيبة بعده … وما كان فيها بكر عتبة راضيا

فإن تقطعوا رِجلي فإنّيَ مسلمٌ … أرجّي بها عيشًا من اللَّه دانيا

مع الحور أمثال التّماثيل أخلصت … من الجنة العليا لمن كان عاليا

وبعت بها عيشًا تعرّقت صفوه … وعاجلته حتى فقدتُ الأدانيا

فأكرمني الرحمن من فضل منّه … بثوبٍ من الإسلام غطّى المساويا

وما كان مكروهًا إليّ قتالهم … غداة دعا الأكفاء من كان داعيا

ولم يبغ إذ سالوا النبيّ سواءنا … ثلاثتنا حتى حضرنا المناديا

لقيناهمُ كالأسد تخطر بالقنا … نقاتل في الرحمن من كان عاصيا

فما برحت أقدامنا من مقامنا … ثلاثتنا حتى أُزيروا المنائيا

وقال ابن إسحاق (٢): وقال حسّان بن ثابتٍ (٣) أيضًا؛ يذمّ الحارث بن هشامٍ على فراره يوم بدرٍ، وتركه قومه لا يقاتل دونهم: [من الكامل]

تبَلت فؤادَك في المنام خريدةٌ … تشفي الضّجيع بباردٍ بسّامِ

كالمسك تخلطه بماء سحابةٍ … أو عاتقٍ كدم الذّبيح مدام

نفج الحقيبة بوصها متنضّدٌ … بلهاء غير وشيكة الأقسام

بنيت على قطنٍ أجمّ كأنّه … فُضُلًا إذا قعدت مداك رخام

وتكاد تكسل أن تجيء فراشَها … في جسم خرعبةٍ وحسن قوام

أمّا النهار فلا أفتّر ذكرها … والليل توزعني بها أحلامي

أقسمت أنساها وأترك ذِكرها … حتى تغيّب في الضريح عظامي

يا من لعاذلةٍ تلوم سفاهةً … ولقد عصيت على الهوى لوّامي

بكرت عليّ بسحرةٍ بعد الكرى … وتقاربٍ من حادث الأيام


(١) في "ديوان حسَّان بن ثابت": "للخامعات تنوبهم".
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٦ - ١٨).
(٣) الأبيات في "ديوان حسَّان بن ثابت" ص (٢٩).