القائلين الفاعليـ … ـن الآمرين بكلّ صالح
المطعمين الشّحم فو … ق الخبز شحمًا كالأنافحْ
نقل الجفان مع الجفا … ن إلى جفانٍ كالمناضح
ليست بأصفارٍ لمن … يعفو ولا رحٍّ رحارح
للضّيف ثم الضيف بعـ … ـد الضيف والبسط السّلاطح
وهب المئين من المئيـ … ـن إلى المئين من اللّواقح
سوق المؤبّل للمؤبّـ … ـل صادراتٍ عن بلادح
لكرامهم فوق الكرا … م مزيّةٌ وزن الرّواجح
كتثاقل الأرطال بالـ … ـقسطاس بالأيدي الموائح
خذلتهمُ فئةٌ وهم … يحمون عورات الفضائح
الضّاربين التّقدميّـ … ـة بالمهنّدة الصّفائح
ولقد عناني صوتهم … من بين مستسقٍ وصائح
للَّه درّ بني علـ … ـيٍ أيِّمٍ منهم وناكح
إن لم يغيروا غارةً … شعواء تجحر كلّ نابح
بالمقربات المبعدا … ت الطّامحات مع الطّوامح
مُردًا على جردٍ إلى … أُسدٍ مكالبةٍ كوالح
ويلاقِ قرنٌ قرنه … مشي المصافح للمصافح
بزَهاء ألفٍ ثمّ ألـ … ـفٍ بين ذي بدنٍ ورامح
قال ابن هشامٍ (١): تركنا منها بيتين نال فيهما من أصحاب رسول اللَّه ﷺ.
قلت: هذا شعر المخذول المعكوس المنكوس، الذي حمله كثرة جهله وقلّة عقله، على أن مدح المشركين وذمّ المؤمنين، واستوحش بمكة من أبي جهل بن هشامٍ، وأضرابه من الكفرة اللئّام، والجهلة الطّغام، ولم يستوحش بها من عبد اللَّه ورسوله، وحبيبه وخليله، فَخر البشر، ومَن وجهه أنور من القمر، ذي العِلم الأكمل، والعقل الأشمل، ومِن صاحبه الصدّيق المبادر إلى التصديق، والسابق إلى الخيرات، وفعل المكرمات، وبذل الألوف والمئات، في طاعة ربّ الأرض والسماوات، وكذلك بقيّة أصحابه الغرّ الكرام، الذين هاجروا من دار الكفر والجهل إلى دار العلم والإسلام، رضي اللَّه عن جميعهم، ما اختلط الضّياء والظلام، وما تعاقبت الليالي والأيام، وقد تركنا أشعارًا كثيرةً أوردها ابن إسحاق، ﵀، خوف الإطالة وخشية الملالة، وفيما أوردنا كفايةٌ، وللَّه الحمد والمنّة.
(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٢).