للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فغودر منهم كعبٌ صريعًا … فذلّت بعد مصرعه النّضير

على الكفّين ثم وقد علتْه … بأيدينا مشهّرةٌ ذكور

بأمر محمدٍ إذ دسّ ليلًا … إلى كعبٍ أخا كعبٍ يسير

فما كره فأنزله بمكرٍ … ومحمودٌ أخو ثقةٍ جسور

قال ابن هشامٍ (١): وهذه الأبيات في قصيدةٍ له في يوم بني النّضير ستأتي.

قلت: كان قتل كعب بن الأشرف على يدي الأوس بعد وقعة بدرٍ، ثم إن الخزرج قتلوا أبا رافع بن أبي الحُقيق بعد وقعة أحدٍ، كما سيأتي بيانه إن شاء اللَّه، وبه الثقة.

وقد أورد ابن إسحاق شعر حسان بن ثابت (٢): [من الكامل]

للَّه درّ عصابةٍ لاقَيتَهم … يابن الحُقيق وأنت يابن الأشرف

يسْرون بالبيض الخفَاف إليكمُ … مرُحًا كأُسدٍ في عَرِينٍ مغرف

حتى أتوكم في محلِّ بلادكم … فسقوكمُ حتفًا ببيضٍ ذفّف

مستنصيرين لنصر دين نبيّهم … مستصغرين لكلّ أمرٍ مجحفِ

قال محمد بن إسحاق (٣): وقال رسول للَّه : "من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه". فوثب عند ذلك محيّصة بن مسعودٍ الأوسيّ على ابن سنينة -رجلٍ من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم- فقتله، وكان أخوه حويّصة بن مسعودٍ أسنّ منه، ولم يسلم بعد، فلمّا قتله جعل حويّصة يضربه ويقول: أي عدوّ اللَّه، أقتلتَه؟ أما واللَّه لربّ شحمٍ في بطنك من ماله. قال محيّصة: فقلت: واللَّه لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لضربت عنقك. قال: فواللَّه إن كان لأول إسلام حويّصة، وقال: واللَّه لو أمرك محمدٌ بقتلي لتقتلني؟! قال: نعم، واللَّه لو أمرني بضرب عنقك لضربتها. قال: فواللَّه إن دِينًا بلغ بك هذا لعجبٌ، فأسلم حويّصة.

قال ابن إسحاق (٤): حدّثني بهذا الحديث مولًى لبني حارثة، عن ابنة محيّصة، عن أبيها.

وقال في ذلك محيّصة: [من الطويل]

يلوم ابنُ أمّ لو أمرت بقتله … لطبّقت ذِفراه بأبيضَ قاضب

حسامٍ كلون الملح أُخلص صقله … متى ما أُصوّبه فليس بكاذب

وما سرّني أنّي قتلتك طائعًا … وأنّ لنا ما بين بصرى ومأرب


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٥٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٥٧ - ٥٨) و"ديوان حسَّان بن ثابت" (١/ ٤١١).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن إسحاق ص (٣٠٠).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٥٨).