للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الإمام أحمد (١): حدّثنا يزيد وعفان قالا: حدّثنا حمّادٌ، هو ابن سلمة، أخبرنا ثابت، عن أنسٍ، أن رسول اللَّه أخذ سيفًا يوم أحدٍ فقال: "من يأخذ هذا السيف؟ ". فأخذه قومٌ فجعلوا ينظرون إليه، فقال: "من يأخذه بحقّه؟ ". فأحجم القوم، فقال أبو دجانة سماكٌ: أنا آخذه بحقّه. فأخذه ففلق به هام المشركين.

ورواه مسلمٌ (٢)، عن أبي بكرٍ، عن عفّان به.

قال ابن إسحاق (٣): وكان أبو دجانة رجلًا شجاعًا يختال عند الحرب، وكان له عصابةٌ حمراء يعلم بها عند الحرب، يعتصب بها فيعلم الناس أنه سيقاتل. قال: فلمّا أخذ السيف من يد رسول اللَّه أخرج عصابته تلك فاعتصب بها، ثم جعل يتبختر بين الصّفين.

قال: فحدّثني جعفر بن عبد اللَّه بن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال: قال رسول اللَّه حين رأى أبا دجانة يتبختر: "إنها لمشيةٌ يبغضها اللَّه إلا في مثل هذا الموطن".

قال ابن إسحاق (٤): وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللّواء من بني عبد الدار يحرّضهم على القتال: يا بني عبد الدار، قد ولّيتم لواءنا يوم بدرٍ، فأصابنا ما قد رأيتم، وإنما يؤتى الناس من قِبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإما أن تكفُونا لواءنا، وإما أن تخلّوا بيننا وبينه فنكفيكموه. فهمّوا به وتواعدوه، وقالوا: نحن نسلِّم إليك لواءنا! ستعلم غدًا إذا التقينا كيف نصنع. وذلك أراد أبو سفيان.

قال: فلما التقى الناس، ودنا بعضهم من بعضٍ، قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها، وأخذن الدّفوف يضربن بها خلف الرجال، ويحرّضن على القتال، فقالت هند فيما تقول: [من الرجز]

ويْهًا بني عبد الدار … ويْهًا حماة الأدبار

ضربًا بكلّ بتّار

وتقول أيضًا: [من مجزوء الرجز]

إن تُقبلوا نعانق … ونفرش النّمارق

أو تدبروا نفارق … فراقَ غيرِ وامق

قال ابن إسحاق (٥): وحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة، أن أبا عامرٍ عبد عمرو بن صيفيّ بن مالك بن النعمان، أحد بني ضبيعة، وقد كان خرج إلى مكة مباعدًا لرسول اللَّه معه خمسون غلامًا من الأوس،


(١) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ١٢٣).
(٢) رواه مسلم رقم (٢٤٧٠).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٦).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٧).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٦٧).