للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال: "لا تجيبوه". فقال: أفي القوم ابن الخطَّاب؟ فقال: إن هؤلاء قد قُتلوا (١)، فلو كانوا أحياءً لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدوّ اللَّه، واللَّه قد أبقى اللَّه لك ما يحزنك (٢). فقال أبو سفيان: اعل هبل. فقال النبيّ : "أجيبوه". قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: اللَّه أعلى وأجلُّ". فقال أبو سفيان: لنا العرى ولا عزّى لكم. فقال النبيّ : "أجيبوه". قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: اللَّه مولانا ولا مولى لكم". قال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدر، والحرب سجال، وستجدون في القوم مثلةً لم آمر بها ولم تسؤني، وهذا من أفراد البخاريّ دون مسلمٍ.

وقال الإمام أحمد (٣): حدّثنا حسن بن موسى (٤)، حدّثنا زهيرٌ، حدثنا أبو إسحاق، أن البرَاء بن عازبٍ قال: جعل رسول اللَّه على الرّماة يوم أحدٍ، وكانوا خمسين رجلًا، عبد اللَّه بن جبيرٍ. قال: ووضعهم موضعًا، وقال: "إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا، حتى أرسل إليكم، [وإن رأيتمونا ظهرنا على العدوّ وأوطاناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم] ". قال: فهزموهم. قال: فأنا واللَّه رأيت النساء يشتددن على الجبل، قد بدت أسوقهنّ وخلاخلهنّ رافعاتٍ ثيابهنّ. فقال أصحاب عبد اللَّه [بن جبيرٍ]: الغنيمة، أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنظرون؟ قال عبد اللَّه بن جبيرٍ: أَفَنَسيتم (٥) ما قال لكم رسول اللَّه ؟ فقالوا: إنا واللَّه لنأتين الناس فلنصيبنّ من الغنيمة. فلمّا أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع رسول اللَّه غير اثني عشر رجلًا، فأصابوا منا سبعين [رجلًا].

وكان رسول اللَّه وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدرٍ أربعين ومئةً؛ سبعين أسيرًا وسبعين قتيلًا، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمدٌ؟ أفي القوم محمدٌ؟ أفي القوم محمدٌ؟ ثلاثًا، فنهاهم رسول اللَّه أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطَّاب؟ أفي القوم ابن الخطَّاب؟ أفي القوم ابن الخطَّاب؟ ثم أقبل على أصحابه، فقال: أمَّا هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم، فما ملك عمر نفسه أن قال: كذبت واللَّه يا عدوّ اللَّه، إنّ الذين عددت لأحياءٌ كلّهم، وقد أبقى اللَّه (٦) لك ما يسوءك. فقال: يومٌ بيوم بدر، والحرب


(١) في (ط): "إن هؤلاء قتلوا".
(٢) لفظ (ط): "واللَّه قد أبقى اللَّه عليك ما يخزيك".
(٣) رواه أحمد في "المسند" (٤/ ٢٩٣)، وإسناده صحيح.
(٤) في (ط): "حدثنا موسى" وهو خطأ، وانظر "تحرير تقريب التهذيب" (١/ ٢٨١).
(٥) في (ط): "أنسيتم".
(٦) في (ط): "وقد بقي لك".