للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الشيخ أبو عمر في "الاستيعاب" (١): كان الرجل الذي التمس سعدًا أُبيّ كعبٍ. فاللَّه أعلم.

وكان سعد بن الربيع من النّقباء ليلة العقبة، ، وهو الذي آخى رسول اللَّه بينه وبين عبد الرحمن بن عوفٍ.

قال ابن إسحاق (٢): وخرج رسول اللَّه ، فيما بلغني، يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادي، قد بقر بطنه عن كبده، ومثّل به؛ فجُدع أنفه وأذناه، فحدّثني محمد بن جعفر بن الزُّبير أن رسول اللَّه قال حين رأى ما رأى: "لولا أن تحزن صفتة، وتكون سنّةً من بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السّباعٍ وحواصل الطَّير، ولئن أظهرني اللَّه على قريشٍ في موطنٍ من المواطن لأمثّلنّ بثلاثين رجلًا منهم". فلما رأى المسلمون حزن رسول اللَّه ، وغيظه على من فعل بعمّه ما فعل، قالوا: واللَّه لئن. أظفرنا اللَّه بهم يومًا من الدّهر لنمثّلنّ بهم مثلةً لم يمثّلها أحدٌ من العرب.

قال ابن إسحاق (٣): فحدّثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلميّ، عن محمد بن كعبٍ، وحدّثني من لا أتّهم، عن ابن عباسٍ أن اللَّه، ﷿، أنزل في ذلك: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: ١٢٦ - ١٢٧]، الآية، قال: فعفا رسول اللَّه ، وصبر، ونهى عن المثلة.

قلت: هذه الآيات مكَيّةٌ، وقصة أحدٍ بعد الهجرة بثلاث سنين، فكيف يلتئم هذا مع هذا، فاللَّه أعلم.

قال ابن إسحاق (٤): وحدّثني حميدٌ الطويل، عن الحسن، عن سمرة قال: ما قام رسول اللَّه في مقامِ قطُّ ففارقه حتى يأمر بالصَّدقة، وينهى عن المثلة.

وقال ابن هشامٍ (٥): ولما وقف النبيّ على حمزة قال: "لن أُصاب بمثلك أبدًا، ما وقفت موقفًا قطُّ أغيظ إليّ من هذا". ثم قال: "جاءني جبريل فأخبرني أن حمزة مكتوبٌ في أهل السماوات السبع: حمزة بن عبد المطلب أسد اللَّه وأسد رسوله". قال ابن هشامٍ: وكان حمزة وأبو سلمة بن عبد الأسد أخوي رسول اللَّه من الرّضاعة؛ أرضعتهم ثلاثتهم ثُويبة مولاة أبي لهبٍ.

وقال الإمام أحمد (٦): حَدَّثَنَا سليمان بن داود الهاشميّ، أنبأنا عبد الرحمن، يعني ابن أبي الزِّناد،


(١) انظر "الاستيعاب بمعرفة الأصحاب" (٢/ ٥٩٠).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٩٥).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٩٦) وفي سند هذه الرواية مجاهيل فهي ضعيفة.
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٩٦).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٩٦).
(٦) رواه أحمد في "المسند" (١/ ١٦٥)، والبيهقي في (دلائل النبوة) بمعناه (٣/ ٢٩٠) من طريق آخر مرسلًا، فهو حديث حسن.