للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلادٌ على ريب الحوادث لا نرى … على هالكٍ عينًا لنا الدّهرَ تدمع

بنو الحرب لا نعيا بشيءٍ نقوله … ولا نحن مما جرّت الحرب نجزع

بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفُحّشٍ … ولا نحن من أظفارها نتوجّع

وكنّا شهابًا يتّقي الناس حرّه … ويفرج عنه من يليه ويسفع

فخرت عليّ ابن الزّبعرى وقد سرى … لكم طلبٌ من آخر الليل متبع

فسل عنك في عليا معدٍّ وغيرها … من الناس مَنْ أخزى مقامًا وَأَشْنَعُ

ومن هو لم يترك له الحرب مفخرًا … ومن خدّه يوم الكريهة أضرع

شددنا بحول اللَّه والنصر شدّةً … عليكم وأطراف الأسنّة شرّع

تكرّ القنا فيكم كأن فروعها … عزالي مزادٍ ماؤها يتهزّع

عمدنا إلى أهل اللواء ومن يطر … بذكر اللّواء فهو في الحمد أسرع

فخانوا وقد أعطوا يدًا وتخاذلوا … أبى اللَّه إلَّا أمره وهو أصنع

[قال ابن إسحاق (١): وقال عبد اللَّه بن الزّبعري في يوم أحدٍ، وهو يومئذٍ مشركٌ بعد: [من الرمل]

يا غُرَابَ البينِ أسمعتَ فقُلْ … إنما تنطقُ شيئًا قد فُعلْ

إنّ للخير وللشرّ مدى … وكلا ذلك وجهٌ وقَبلْ

والعطيّات خساسٌ بينهم … وسواءٌ قبر مثرٍ ومقلْ

كلّ عيشٍ ونعيمٍ زائلٌ … وبنات الدّهر يلعبن بكلْ

أبلغنْ حسّان عنّي آيةً … فقريض الشّعر يشفي ذا الغُللْ

كم ترى بالجرّ من جمجمةٍ … وأكفّ قد أُترّت ورجلْ

وسرابيلَ حسانٍ سريت … عن كماةٍ أهلكوا في المنتزلْ

كم قتلنا من كريمٍ سيّدٍ … ماجد الجدّين مِقْدامٍ بطلْ

صادق النّجدة قرمٍ بارعٍ … غير ملتاثٍ لدى وقع الأسلْ

فسل المهراس ما ساكنه … بين أقحافٍ وهامٍ كالحجلْ

ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا … جزع الخزرج من وقع الأسلْ

حين حكّت بقباءٍ بركها … واستحرّ القتل في عبد الأشلْ

ثم خفّوا عند ذاكم رُقصًا … رقص الحفّان يعلو في الجبلْ

فقتلنا الضعف من أشرافهم … وعدلنا ميل بدرٍ فاعتدلْ

لا ألوم النّفس إلَّا أنّنا … لو كررنا لفعلنا المفتعل


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٣٦) والأبيات في "ديوان عبد اللَّه بن الزبعرى" (٤١) وما بين الحاصرتين سقط من (أ) وأثبته عن (ط) و"السيرة النبوية" لابن هشام.