للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن هشام: وألقى عكرمة رمحه يومئذ وهو منهزم عن عمرو، فقال في ذلك حسان بن ثابت (١): [من المتقارب]

فَرَّ وألقى لنا رُمْحَهُ … لعلك عكرم لم تفعلِ

ووليت تعدو كعدو الظليـ … ــم ما أن تحور عن المعدلِ

ولم تلق ظهرك مستأنسًا … كأن قفاك قفا فُرعلِ

قال ابن هشام: الفراعل: صغار الضباع.

وذكر الحافظ البيهقي في "دلائل النبوة" (٢)، عن ابن إسحاق في موضع آخر غير "السيرة" قال: خرج عمرو بن عبد ودٍّ وهو مقنع بالحديد، فنادى: من يبارز" فقام علي بن أبي طالب فقال: أنا لها يا نبي اللَّه. فقال: "إنه عمرو، اجلس". ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنِّبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها، أفلا تُبرزون إلي رجلًا؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول اللَّه. فقال: "اجلس". ثم نادى الثالثة فقال: [من مجزوء الكامل]

ولقد بححت من الندا … ء بجمعكم هل من مبارزْ

ووقفت إذ جَبُنَ المشجـ … ــع موقف القرن المناجزْ

ولذاك إني لم أزل … متسرعًا قِبل الهزاهزْ

إن الشَّجَاعَة في الفتى … والجُود من خير الغرائزْ

قال: فقام علي، ، فقال: يا رسول اللَّه، أنا. فقال: "إنه عمرو". فقال: وإن كان عَمرًا. فأدْن له رسول اللَّه ، فمشى إليه، حتى أتى وهو يقول: [من مجزوء الكامل]

لا تعجلنَّ فقد أتا … ك مجيب صوتك غير عاجزْ

في نيَّةٍ وبصيرةٍ … والصِّدق مَنْجى كل فَائزْ

إني لأرجو أن أُقيـ … ــم عَليك نائحةَ الجنَائزْ

من ضربة نجلاء يبـ … ــقى ذِكْرُهَا عند الهَزَاهِزْ

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي. قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. فقال: غيرك يابن أخي، ومن أعمامك من هو أسنُّ منك، فاني أكره أن أُهريق دمك. فقال له عليٌّ: لكني واللَّه لا أكره أن أهريق دمك فغضب، فنزل وسلَّ سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو على مغضبًا، واستقبله على بدرقته، فضربه عمرو في الدَّرقة فقدها وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجه، وضربه عليٌّ على حبل عاتقه فسقط، وثار العجاج، وسمع رسول اللَّه التكبير فعرف أن عليًا قد قتله. فثمّ علي يقول: [من الكامل]


(١) الأبيات في "ديوانه" (١/ ٥٠٩) و"السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٢٦).
(٢) (٣/ ٤٣٨).