للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون له شهادة، واختار الله له ما عنده، فانفجر جرحه من الليل، فلم يزل يخرج منه الدم حتى مات، .

قال ابن إسحاق (١): فلمَّا انقضى شأن بني قُريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه، فمات منه شهيدًا.

حدَّثني معاذ بن رفاعة الزُّرقيُّ، قال: حدَّثني من شئت من رجال قومي، أنَّ جبريل أتى رسول الله ، حين قبض سعد بن معاذ، من جوف الليل، معتجرًا بعمامة من إستبرق، فقال: يا محمد، من هذا الميِّت الذي فتحت له أبواب السماء، واهتزَّ له العرش (٢)؟ قال: فقام رسول الله سريعًا يجرُّ ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات، . هكذا ذكره ابن إسحاق، .

وقد قال الحافظ البيهقيُّ في "الدلائل" (٣): حدَّثنا أبو عبد الله الحافظ، حدَّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدَّثنا أبي وشعيب بن اللَّيث، قالا: حدَّثنا اللَّيث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن معاذ بن رِفَاعة، عن جابر بن عبد الله قال: جاء جبريل إلى رسول الله فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات ففتحت له أبواب السماء، وتحرَّك له العرش؟ قال: فخرج رسول الله فإذا سعد بن معاذ. قال: فجلس رسول الله على قبره وهو يدفن، فبينما هو جالس إذ قال: "سبحان الله" مرَّتين، فسبَّح القوم. ثم قال: "الله أكبر، الله أكبر". فكبَّر القوم. فقال رسول الله : "عجبت لهذا العبد الصالح، شُدَّد عليه في قبره، حتى كان هذا حين فُرِّج له".

وروى الإمام أحمد والنَّسائي من طريق يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، ويحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: قال رسول الله لسعد يوم مات وهو يدفن: "سبحان الله لهذا العبد الصالح الذي تحرَّك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء، شدَّد عليه، ثم فرَّج الله عنه" (٤).

وقال محمد بن إسحاق (٥): حدَّثني معاذ بن رفاعة، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر بن عبد الله قال: لمَّا دفن سعد ونحن مع رسول الله ، سبَّح رسول الله ، فسبَّح الناس معه، ثم كبَّر فكبَّر الناس معه، فقالوا: يا رسول الله، ممَّ سبَّحت؟ قال: "لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره، حتى فرَّجه الله عنه".

وهكذا رواه الإمام أحمد (٦)، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، به.


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٥٠).
(٢) روى البخاري رقم (٣٨٠٣)، ومسلم رقم (٢٤٦٧) من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "اهتز العرش لموت سعد بن معاذ".
(٣) انظر "دلائل النبوة" (٤/ ٢٩).
(٤) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٣٢٧) واللفظ له، والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (٨٢٢٤)، وهو حديث حسن.
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٥١).
(٦) في "المسند" (٣/ ٣٦٠)، وإسناده حسن.