للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: رحمة الله على سعد، كان من أعظم الناس وأطولهم. ثم قال: بعث رسول الله جيشًا إلى أُكَيْدِر دُومة، فأرسل إلى رسول الله بجُبَّة من ديباج، منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول الله ، فقام على المنبر، أو جلس، قلم يتكلَّم، ثم نزل فجعل الناس يلمسون الجُبَّة، وينظرون إليها، فقال رسول الله : "أتعجبون منها؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن ممَّا ترون".

وهكذا [رواه] الترمذيُّ والنِّسائيُّ (١)، من حديث [محمد بن] عمرو به، وقال الترمذيُّ: حسن صحيح.

قال ابن إسحاق (٢)، بعد ذكر اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ: وفي ذلك يقول رجل من الأنصار: [من الطويل]

وما اهتزَّ عرش الله من موت هالك … سمعنا به إلَّا لسعدٍ أبي عمرو

قال: وقالت أمُّه - يعني كُبيشةَ بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة الخدريَّة الخزرجيَّة - حين احتمل سعد على نعشه تندبه: [من مجزوء الرجز]

ويل امِّ سعد سعدا … صرامة وحدّا

وسُؤددًا ومجدا … وفارسًا معدا

سدَّ به مسدا … [يقدُّ هامًا قدّا]

قال: يقول رسول الله : "كلُّ نائحة تكذب إلَّا نائحة سعد بن معاذ".

قلت: كانت وفاته بعد انصراف الأحزاب بنحو من خمس وعشرين ليلة، وكان قدوم الأحزاب (٣) في شوَّال سنة خمس كما تقدَّم، فأقاموا قريبًا من شهر، ثم خرج رسول الله لحصار بني قُريظة فأقام عليهم خمسًا وعشرين ليلة، ثم نزلوا على حكم سعد، فمات بعد حكمه عليهم بقليل، فيكون ذلك في أواخر ذي القعدة أو أوائل ذي الحجَّة من سنة خمس، والله أعلم.

وهكذا قال محمد بن إسحاق (٤): إن فتح بني قريظة كان في ذي القعدة وصدر ذي الحجَّة. قال: وولي تلك الحجَّة المشركون.

قال ابن إسحاق (٥): وفال حسَّان بن ثابث (٦) يرثي سعد بن معاذ، : [من الطويل]


(١) رواه الترمذي رقم (١٧٢٣)، و "النسائي" رقم (٥٣١٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٥٢).
(٣) في (ط): "إذا كان قدوم الأحزاب".
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٦٩).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٦٩).
(٦) انظر "ديوانه" (١/ ٤١٥).