للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال علي بن الحسين زين العابدين، والسُّدِّيُّ: كان اللّه قد أعلمه أنها ستكون من أزواجه، فهو الذي كان في نفسه، . وقد تكلم كثير من السَّلف بآثار غريبة، وبعضها فيه نظر، تركناها قصدًا.

قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ وذلك أنَّ زيدًا طلَّقها، فلما انقضت عدتها، بعث إليها رسول اللّه، يخطبها إلى نفسها، ثم تزوجها، وكان الذي زوَّجها منه ربُّ العالمين (١)، كما ثبت في "صحيح البخاري" (٢) عن أنس بن مالك، أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي فتقول: زوجكن أهاليكنَّ، وزوَّجني اللّه من فوق سبع سماوات.

وفي رواية (٣) من طريق عيسى بن طَهْمَان، عن أنس قال: كانت زينب تفخر على نساء النبي وتقول: أنكحني اللّه من السماء.

وفيها أنزلت آية الحجاب: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ الآية [الأحزاب: ٥٣].

وروى البيهقي (٤) من حديث حَمَّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: جاء زيد يشكو زينب، فجعل رسول اللّه يقول: "اتق اللّه، وأمسك عليك زوجك". قال أنس: فلو كان رسول اللّه كاتمًا شيئًا لكتم هذه، فكانت تفخر على أزواج النَّبِيِّ تقول: زوَّجكن أهاليكنَّ، وزوَّجني اللّه من فوق سبع سماوات. ثم قال: رواه البخاري، عن أحمد، عن محمد بن أبي بكر المقدَّمي، عن حمَّاد بن زيد.

ثم روى البيهقيُّ (٥) من طريق عَفَّان، عن حَمَّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، قال: جاء زيد يشكو إلى رسول اللّه من زينب بنت جحش، فقال النبي : "أمسك عليك أهلك". فنزلت: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾. ثم قال: [رواه] البخاري (٦)، عن محمد بن عبد الرحيم، عن معلَّى بن منصور، عن حَمَّاد مختصرًا.

وقال ابن جرير: ثنا ابن حميد، ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: كانت زينب تقول للنبي : إنِّي لأدِلُّ عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدِلُّ بهنَّ؛ أنَّ جدِّي وجدَّك واحد - تعني عبد المطَّلب، فإنه أبو أَبي النبي وأبو أُمِّها أُميمة بنت عبد المطلب - وأني أنكحنيك اللّه، ﷿، من السماء، وأن السفير جبريل، .


(١) قلت: واعتبر الإمام ابن القيم ذلك من خواصّها. انظر "زاد المعاد" (١/ ١٠٥).
(٢) رواه البخاري رقم (٧٤٢٠).
(٣) وهي عند البخاري رقم (٧٤٢١) وعند النسائي في "السنن الكبرى" (١١٤١١) باللفظ الذي ساقه المؤلف .
(٤) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٤٦٥).
(٥) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٤٦٦).
(٦) وهو في "صحيحه" رقم (٤٧٨٧).