للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حضر خيبر ومن غاب عنها، ولم يغِب عن خيبر ممّن شهد الحديبية إلا جابر بن عبد اللّه، فضرب له بسهمه. قال: وكان أهل الحديبية ألفًا وأربعمئة، وكان معهم مئتا فرس، لكل فرس سهمان، فصُرف إلى كلِّ مئة رجل سهمٌ من ثمانية عشر سهمًا، وزيد المئتا فارس أربعمئة سهمٍ لخيولهم.

وهكذا رواه البيهقيُّ (١) من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن صالح بن كيسان أنهم كانوا ألفًا وأربعمئة، ومئتا فرس.

قلت: وضرب رسول الله معهم بسهم، وكان أول سهم من سهمان الشِّقِّ مع عاصم بن عديٍّ.

قال ابن إسحاق (٢): وكانت الكتيبة خُمُسًا لله تعالى، وسهم النَّبِيّ ، وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وطعمة أزواج النَّبيِّ ، وطعمة أقوام مشوا في صلح أهل فدك، منهم محيصة بن مسعود، أقطعه رسول الله ثلاثين وسقًا من تمر، وثلاثين وَسقًا من شعير. قال: وكان وادياها اللَّذان قسّمت عليه يقال لهما: وادي السُّرير ووادي خاص. ثم ذكر ابن إسحاق تفاصيل الإقطاعات منها فأجاد وأفاد، .

قال: وكان الذي ولي قسمتها وحسابها جبَّار بن صخر بن أُمية بن خنساء، أخو بني سلمة، وزيد بن ثابت، . قلت: وكان الأميرَ على خرص نخيل خيبر عبدُ اللّه بن رواحة، فخرصها سنتين، ثم لما قُتل، كما سيأتي في يوم مؤتة - ولي بعده جبَّار بن صخر، .

وقد قال البخاريُّ (٣): حَدَّثَنَا إسماعيل، حدَّثَنِي مالك، عن عبد المجيد بن سُهيل، عن سعيد بن المسيَّب، عن أبي سعيد الخدريِّ وأبي هريرة، أن رسول الله استعمل رجلًا على خيبر، فجاءه بتمرٍ جَنيبٍ، فقال رسول اللّه : "كل تمر خيبر هكذا؟ "قال: لا واللّه يا رسول اللّه، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة. فقال: "لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنيبًا".

قال البخاريُّ: وقال الدَّراورديُّ، عن عبد المجيد، عن سعيد بن المسيِّب أن أبا سعيد وأبا هريرة حدَّثاه أن رسول الله بعث أخا بني عدي من الأنصار إلى خيبر وأمَّره عليها. وعن عبد المجيد، عن أبي صالح السَّمَّان، عن أبي سعيد وأبي هريرة، مثله.

قلت: كان سهم النَّبِيِّ الذي أصاب مع المسلمين مما قسم بخيبر وفدك بكمالها - وهي طائفة كبيرة من أرض خيبر، نزلوا من شدة رعبهم منه، صلوات اللّه وسلامه عليه، فصالحوه - وأموال بني النَّضير، المتقدِّم ذكرها، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت هذه الأموال لرسول اللّه


(١) في "دلائل النبوة" (٤/ ٢٣٨).
(٢) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٣٤٩).
(٣) في "صحيحه" رقم (٤٢٤٤) و (٤٢٤٥).