للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا رواه أبو داود والنَّسائيُّ من حديث يحيى بن سعيد القطَّان - زاد أبو داود: وبشر بن المفضَّل - وابن ماجة (١) من حديث اللَّيث بن سعد، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاريِّ، به.

وقد ذكر البيهقيُّ (٢) أن بني فَزَارة أرادوا أن يقاتلوا رسول اللّه مرجعه من خيبر، وتجمَّعوا لذلك، فبعث إليهم يواعدهم موضعًا معيَّنًا، فلمَّا تحقَّقوا ذلك، هربوا كلَّ مهرب، وذهبوا من طريقه كلَّ مذهب. وتقدَّم أن رسول الله لما حلَّت صفية من استبرائها، دخل بها بمكان يقال له: سدُّ الصَّهباء، في أثناء طريقه إلى المدينة، وأولم عليها بحَيس، وأقام ثلاثة أيام يُبنى عليه بها، وأسلمت، فأعتقها وتزوَّجها، وجعل عتاقها صداقها، وكانت إحدى أمهات المؤمنين، كما فهمه الصحابة لما مدَّ عليها الحجاب وهو مردفها وراءه، .

وذكر محمد بن إسحاق في "السيرة" (٣) قال: لمَّا أَعْرَسَ رسول اللّه بصَفِيَّة بخيبر، أو ببعض الطّريق، وكانت التي جمَّلتها إلى رسول اللّه ، ومشَّطتها، وأصلحت من أمرها أمُّ سليم بنت ملحان، أمُّ أنس بن مالك، وبات بها رسول اللّه في قبَّة له، وبات أبو أيوب متوشِّحًا سيفه، يحرس رسول الله ، ويطيف بالقُبَّة حتى أصبح، فلمَّا رأى رسول اللّه مكانه قال: "ما لك يا أبا أيوب؟ " قال: خفت عليك من هذه المرأة، وكانت امرأة قد قتلتَ أباها وزوجها وقومها، وكانت حديثة عهد بكفر، فخِفتها عليك. فزعموا أن رسول اللّه قال: "اللهم احفظ أبا أَيُّوب كما بات يحفظني".

ثم قال: حدَّثني الزُّهريُّ، عن سعيد بن المسيَّب. فذكر نومهم عن صلاة الصُّبح مرجعهم من خيبر، وأن رسول اللّه كان أولهم استيقاظًا، فقال: "ماذا صنعت بنا يا بلال؟ " قال: يا رسول اللّه، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك. قال: "صدقت". ثم اقتاد ناقته غير كثير، ثم نزل فتوضَّأ، وصلَّى كما كان يصليها قبل ذلك.

وهكذا رواه مالك، عن الزهريِّ، عن سعيد مرسلًا (٤). وهذا مرسل من هذا الوجه.

وقد قال أبو داود (٥): ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة أن رسول اللّه حين قفل من غزوة خيبر، فسار ليلة، حتى إذا أدركنا الكرى عرَّس، وقال لبلال: "اكلأ لنا الليل". قال: فغلبت بلالًا عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم


(١) رواه أبو داود رقم (٢٧١٠) والنسائي رقم (١٩٥٨) وابن ماجة رقم (٢٨٤٨)، وإسناده ضعيف.
(٢) في "دلائل النبوة" (٤/ ٢٤٨).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٣٩).
(٤) رواه مالك في "الموطأ" رقم (٢٥) مرسلًا.
(٥) رواه أبو داود رقم (٤٣٥)، وهو حديث صحيح.