للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن إسحاق (١): وخرج معه المسلمون ممن كان صُدَّ معه في عمرته تلك، وهي سنة سبع، فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه، وتحدَّثت قريش بينها أن محمدًا وأصحابه في عسرة وجهد وشدَّة.

قال ابن إسحاق (٢): فحدَّثني من لا أتَّهم، عن عبد الله بن عباس قال: صفُّوا له عند دار الندوة؛ لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل رسول الله المسجد، اضطبع بردائه، وأخرج عضده اليمنى، ثم قال: "رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة". ثم استلم الركن، وخرج يهرول، ويهرول أصحابه معه، حتى إذا واراه البيت منهم واستلم الركن اليمانيَّ، مشى حتى يستلم الركن الأسود، ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف ومشى سائرها. فكان ابن عباس يقول: كان الناس يظنُّون أنها ليست عليهم؛ وذلك أن رسول الله إنما صنعها لهذا الحيِّ من قريش؛ للذي بلغه عنهم، حتى حجَّ حَجَّة الوداع، فلزمها، فمضت السُّنَّة بها.

وقال البخاريُّ (٣): ثنا سليمان بن حرب، ثنا حمَّاد، هو ابن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم رسول الله وأصحابه، فقال المشركون: إنه يقدَم عليكم وفد وهَنهم حمَّى يثرب. فأمرهم النبيُّ أن يرمُلوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الرُّكنين، ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلَّها إلا الإبقاء عليهم. قال أبو عبد الله: وزاد ابن سلمة - يعني حمَّاد بن سلمة - عن أيوب، عن سعيد، عن ابن عباس قال: لمَّا قدم النبيُّ لعامه الذي استأمن قال: "ارملوا ليرى المشركون قوَّتكم"، والمشركون من قبل قعيقعان.

ورواه مسلم (٤)، عن أبي الَّربيع الزَّهرانيِّ، عن حماد بن زيد. وأسند البيهقيُّ (٥) طريق حَمَّاد بن سَلَمَة.

وقال البخاريُّ (٦): ثنا عليُّ بن عبد الله، ثنا سفيان، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، سمع ابن أبي أوفى يقول: لما اعتمر رسول الله ، سترناه من غِلْمَان المشركين ومنهم؛ أن يؤذوا رسول الله . وسيأتي بقية الكلام على هذا المقام.

قال ابن إسحاق (٧): وحدَّثني عبد الله بن أبي بكر، أن رسول الله حين دخل مكة في تلك العمرة، دخلها وعبد الله بن رواحة آخذ بخطام ناقته يقول (٨): [من الرجز]


(١) "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٧٠).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٧١).
(٣) رواه البخاري رقم (٤٢٥٦).
(٤) رواه مسلم رقم (١٢٦٦).
(٥) في "دلائل النبوة" (٤/ ٣٢٦).
(٦) رواه البخاري رقم (٤٢٥٥).
(٧) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٧١).
(٨) الأبيات في "ديوانه" ص (١٤٤).