للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الواقديُّ (١): حدَّثني عبد الجَبَّار بن عُمَارَة بن غزيَّة، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال: لمَّا التقى الناس بمؤتة، جلس رسول الله على المنبر، وكشف الله له ما بينه وبين الشام، فهو ينظر إلى معتَركهم، فقال: "أخذ الراية زيد بن حارثة، فجاءه الشيطان، فحبَّب إليه الحياة، وكرَّه إليه الموت، وحبَّب إليه الدُّنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين، تحبِّب إليَّ الدُنيا؟! فمضى قدمًا حتى استشهد". فصلى عليه رسول الله ، وقال: "استغفروا له، فقد دخل الجنة وهو يسعى".

قال الواقديُّ (٢): وحدَّثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن رسول الله قال: "لمَّا قتل زيد أخذ الراية جعفر بن أبي طالب، فجاءه الشيطان، فحبَّب إليه الحياة، وكره إليه الموت، ومنَّاه الدُّنيا، فقال: الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تُمنِّيني الدنيا؟! ثم مضى قدما حتى استشهد". فصلى عليه رسول الله ، ثم قال: "استغفروا لأخيكم، فإنَّه شهيد، دخل الجنة، فهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت، حيث يشاء من الجنة". قال: "ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة، فاستشهد، ثم دخل الجنة معترَضًا". فشقَّ ذلك على الأنصار، فقيل: يا رسول الله، ما اعتراضه؟ قال: "لمَّا أصابته الجراح نكل، فعاتب نفسه فتشجَّع، واستشهد فدخل الجنة". فسُرِّي عن قومه.

قال الواقديُّ (٣): وحدَّثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل، عن أبيه قال: لمَّا أخذ خالد بن الوليد الراية، قال رسول الله : "الآن حَمِيَ الوَطِيس".

قال الواقديُّ (٤): فحدَّثني العَطَّاف بن خالد قال: لمَّا قتل ابن رواحة مساءً، بات خالد بن الوليد، فلمَّا أصبح، غدا وقد جعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وميمنته ميسرته. قال: فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد. فرُعبوا وانكشفوا منهزمين. قال: فقتلوا مقتلة لم يُقتلها قوم. وهذا يوافق ما ذكره موسى بن عقبة، ، في "مغازيه"، فإنَّه قال بعد عمرة الحديبية: ثم صدر رسول الله إلى المدينة، فمكث بها ستة أشهر، ثم إنه بعث جيشًا إلى مؤتة، وأمَّر عليهم زيد بن حارثة، وقال: "إن أصيب فجعفر بن أبي طالب أميرهم، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة أميرهم". فانطلقوا، حتى لقوا ابن أبي سبرة الغسَّانيَّ بمؤتة، وبها جموع من نصارى العرب والروم، بها تنوخ وبهراء، فأغلق ابن أبي سبرة دون المسلمين الحصن ثلاثة أيام، ثم خرجوا فالتقَوا على


(١) انظر "المغازي" (٢/ ٧٦١).
(٢) انظر "المغازي" (٢/ ٧٦١).
(٣) انظر "المغازي" (٢/ ٧٦٤).
(٤) انظر "المغازي" (٢/ ٧٦٤).